• الجمعة 17 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :26 ابريل 2024 م


  • التقصير في بر الأب




  • الحمد لله الذي يحبُ أهلَ البرِ والإحسان .

    والصلاة والسلام على سيدِ المحسنين وإمام المتقين .

    أما بعد .

    في ذلك البيت يوجدُ ذلك الرجلُ المسكين الذي قد لا يُلتفت له في بعضِ الأحيان ، رجلٌ قضى سنيَّ عمرهِ لكي تأكل وتشرب وتلبس .

    كانت أمنية ذلك الرجل أن تكون متميزاً في دراستك وأن ترسمَ خريطةَ مستقبلك .

    لم يطلبْ منك أن تساعدهُ في جلبِ المال ، بل كان ليلهُ ونهارهُ في كيفَ يجمعُ المالَ لا لنفسهِ بل لأجلك أنت وأمِّك وأخواتِك .

    ربما بحثَ عن فرصةِ عملٍ آخر لكي يزيدَ دخلهُ المادي لكي يُسعدك أكثر .

    كان يعرقُ في الشمس ، كان يواجهُ في عملهِ ضغوطات ، كان يقترض لأجلك أنت وبقية أسرتك .

    كان يخرجُ بك في الليلِ البارد لأن حرارتك مرتفعة ، كلُّ أمنياته في تلك الساعة أن تُشفى من مرضك .

    كان يقلق لا لنفسه بل لصحتك ، ولعجزه أحياناً عن تلبيةِ مطالبك .

    كان ذلك الرجل يفكرُ في ليلهِ ونهارهِ كيف ستكونُ أنت في مستقبلك ؟

    هل يا ترى تكونُ متميزاً في وظيفةٍ تعينك على بقيةِ حياتك أم يا ترى ستبقى متأخراً في طريق المجد والرقي والكمال .

    كان ذلك الوالد يغارُ من ذلك الولد الذي يحافظُ على الصلاة ، ويتمنى أن لو كنتَ من المحافظين على الصلاة .

    كان والدك يدعو لك كثيراً ، ولكن يحزنه أنك لاتبالي به في كثير من الأحيان .

    أيها الابن ، بكل صراحة ألا تشعر أنك مقصرٌ في بثِّ عواطِفك لوالدك ؟

    إنك تُقِّبل قدمَ أمك ويدَها ورأسها ، أمّا والدك فلا تفعل ذلك معه ، لماذا ؟

    إنك تفرحُ بالجلوسِ مع أمّك وتتحدثُ معها بكل أدب ، أما والدك فلا ، لماذا ؟

    إنك لا تنتبه لذلك؛ لأن قلبك قاسي .

    نعم .

    نحن ندعو لبر الأم والرحمةِ بها وحسنِ صحبتها ، ولكن لايعني هذا أن تهمل والدك.

    لولا اللهُ ثم والدك لما وجدتُ أنتَ على الحياة .

    لولا اللهُ ثم والدك لما عشتَ أنتَ وأمك في بيت يمتلئُ بصنوف الخيرات .

    لولا اللهُ ثم والدك لما لبستَ وأكلتَ ودرست .

    إن كلَ مالَ والدك ذهبَ لك ولأمك وأخواتك .

    لعله يدفعُ لك لتسافر للترفيه بينما هو لم يسافر منذُ سنوات .

    لعله يشتري لك جوالْ جديد بينما هو لم يغير جواله منذ سنوات .

    لعل والدك لم يغير سيارته ولكنه اشترى لك سيارة جديدة .

    ما أقسى قلوبَ بعضِ الشباب والبنات .

    هذا يرفعُ صوته على أبيه ، وتلك تخاصم والدها في محل العطور لأنه رفض عطراً غالي الثمن ، وثالث لم يتصل على والده للسلام عليه بعدما سافر بينما يتصل على زملاءه كل يوم.

    أيها الأبناء ، إن الله يأمركم بالوالدين " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ".

    وقال تعالى " وقل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ".

    إن والديك بحاجةٍ إلى أن تصبرَ عليهما ، فربما رفع أحدهما صوتُه عليك أو غضب على فعلك .

    وحينها تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم " ففيهما فجاهد ".

    يا ولدي .

    لن يبقى لك صديقك ، فارجع لوالدك واعتذر منه وأحسن صحبتك له .

    يا ولدي ، انتبه لدراستك ومستقبلك ، هذه أمنية والدك فحققها لكي يشعر بالسعادة حينما يراك في مقدمة الناجحين في الحياة .

    يا ولدي ، لا تنشغل بدنياك عن والدك ، واقترب منه وساعده في أعماله ومواعيده ، لقد تعبَ والدك كثيراً وتقدم به السن .

    يا ولدي لقد شابت لحية أبيك ، وهو بحاجةٍ لك .

    فاقترب منه بحنانك وكلامك الطيب وعاطفتك الصادقة ، اجلس عند قدميه وقبلها ، ودعه يتحدث لك بما يحب ، وأنصت له .

    إن تلك اللحظات هي الدواء لوالدك من هموم الحياة التي أحاطت به منذ خمسين سنة.

    والدك بحاجة لبعض مالك فلا تبخل عليه ، واحتسب ذلك في ميزان حسناتك ، " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً ".

    يا بني ، لا تفتح مواضيعَ محزنة أمامَ والدك ، يكفيهَ أحزانُ الحياة ، واكتم همومك ، ولا يشعر منك إلا بالبسمةِ والأملِ والتفاؤل .

    إن برك بوالدك سوف تجده في ولدك في الأيامِ القادمة .

    يا ولدي ، إن برك بوالديك يجعلك من الذين تُستجابُ دعواتهم ، ودليل ذلك قصة الثلاثة الذين دخلوا كهف ونزلت حجرة فأغلقت عليهم فدعوا الله بصالح أعمالهم وكان منهم ذلك البار بوالديه فاستجاب الله لهم ودفعوا الصخرة وخرجوا يمشون .

    اللهم اغفر لنا تقصيرنا في بر والدينا .

     

     --------------

    الحمد لله .

    معاشر الكرام ، لقد تحدث الوعاظُ والدعاةُ كثيراً عن هذا الموضوع ، وكلنا بحاجةٍ للتذكير بشأن الوالدين لأن البعض بدأ يقصر في ذلك وخاصةً بسببِ الإدمانِ على مواقع التواصل .

    وهنا مظاهرْ جديدة للعقوق :

    ١- عدم التحدث معهم بسبب الجوال .

    ٢- إهمال جانب الأب والتركيز على الأم .

    ٣- الانشغال بالسفر مع الزوجة والتنزه معها هناك وهناك وإهمال الوالدين ، والواجب أن يكون هناك توازن بين زيارة الوالدين وخدمتهم وبين مراعاة ظروف زوجتك وأولادك .

    ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول : أعط كل ذي حق حقه .

    ٤- بعض الشباب يرفع صوته على والده حينما يوقظه للصلاة وهذا لا يجوز وهو دليلّ على سوء الأدب .

    ٥- إهمالُ دراستك وكثرةُ الخروج من المنزل يبغض والديك ويجلبُ لهم القلق تجاه مستقبلك ، فاتق الله في مراعاة ذلك .

    أيها الشباب ، هذه ومضات حول العناية بالوالد ، لأنه بحاجة للكلام عنه .

    فاتقوا في آبائكم وأمهاتكم ، وتنافسوا في البر بهما ، وتوبوا إلى الله من كل لحظةٍ أخطأتم فيها على والديكم .

    اللهم أرزقنا بر والدينا أحياءً وأمواتاً .

    اللهم من كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية والسرور .

    ومن كان منهم ميتاً فاجعل قبره روضةً من رياض الجنان ..

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    من أحكام الأذان والإقامة

    0:00

    حلاوة الإيمان

    0:00

    مآسي المخدرات

    0:00

    امتحان القلوب

    0:00

    عمل المرأة

    0:00



    عدد الزوار

    4159489

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة