الحمد لله الذي يحبُ أهلَ البرِ والإحسان .
والصلاة والسلام على سيدِ المحسنين وإمام المتقين .
أما بعد .
في ذلك البيت يوجدُ ذلك الرجلُ المسكين الذي قد لا يُلتفت له في بعضِ الأحيان ، رجلٌ قضى سنيَّ عمرهِ لكي تأكل وتشرب وتلبس .
كانت أمنية ذلك الرجل أن تكون متميزاً في دراستك وأن ترسمَ خريطةَ مستقبلك .
لم يطلبْ منك أن تساعدهُ في جلبِ المال ، بل كان ليلهُ ونهارهُ في كيفَ يجمعُ المالَ لا لنفسهِ بل لأجلك أنت وأمِّك وأخواتِك .
ربما بحثَ عن فرصةِ عملٍ آخر لكي يزيدَ دخلهُ المادي لكي يُسعدك أكثر .
كان يعرقُ في الشمس ، كان يواجهُ في عملهِ ضغوطات ، كان يقترض لأجلك أنت وبقية أسرتك .
كان يخرجُ بك في الليلِ البارد لأن حرارتك مرتفعة ، كلُّ أمنياته في تلك الساعة أن تُشفى من مرضك .
كان يقلق لا لنفسه بل لصحتك ، ولعجزه أحياناً عن تلبيةِ مطالبك .
كان ذلك الرجل يفكرُ في ليلهِ ونهارهِ كيف ستكونُ أنت في مستقبلك ؟
هل يا ترى تكونُ متميزاً في وظيفةٍ تعينك على بقيةِ حياتك أم يا ترى ستبقى متأخراً في طريق المجد والرقي والكمال .
كان ذلك الوالد يغارُ من ذلك الولد الذي يحافظُ على الصلاة ، ويتمنى أن لو كنتَ من المحافظين على الصلاة .
كان والدك يدعو لك كثيراً ، ولكن يحزنه أنك لاتبالي به في كثير من الأحيان .
أيها الابن ، بكل صراحة ألا تشعر أنك مقصرٌ في بثِّ عواطِفك لوالدك ؟
إنك تُقِّبل قدمَ أمك ويدَها ورأسها ، أمّا والدك فلا تفعل ذلك معه ، لماذا ؟
إنك تفرحُ بالجلوسِ مع أمّك وتتحدثُ معها بكل أدب ، أما والدك فلا ، لماذا ؟
إنك لا تنتبه لذلك؛ لأن قلبك قاسي .
نعم .
نحن ندعو لبر الأم والرحمةِ بها وحسنِ صحبتها ، ولكن لايعني هذا أن تهمل والدك.
لولا اللهُ ثم والدك لما وجدتُ أنتَ على الحياة .
لولا اللهُ ثم والدك لما عشتَ أنتَ وأمك في بيت يمتلئُ بصنوف الخيرات .
لولا اللهُ ثم والدك لما لبستَ وأكلتَ ودرست .
إن كلَ مالَ والدك ذهبَ لك ولأمك وأخواتك .
لعله يدفعُ لك لتسافر للترفيه بينما هو لم يسافر منذُ سنوات .
لعله يشتري لك جوالْ جديد بينما هو لم يغير جواله منذ سنوات .
لعل والدك لم يغير سيارته ولكنه اشترى لك سيارة جديدة .
ما أقسى قلوبَ بعضِ الشباب والبنات .
هذا يرفعُ صوته على أبيه ، وتلك تخاصم والدها في محل العطور لأنه رفض عطراً غالي الثمن ، وثالث لم يتصل على والده للسلام عليه بعدما سافر بينما يتصل على زملاءه كل يوم.
أيها الأبناء ، إن الله يأمركم بالوالدين " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ".
وقال تعالى " وقل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ".
إن والديك بحاجةٍ إلى أن تصبرَ عليهما ، فربما رفع أحدهما صوتُه عليك أو غضب على فعلك .
وحينها تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم " ففيهما فجاهد ".
يا ولدي .
لن يبقى لك صديقك ، فارجع لوالدك واعتذر منه وأحسن صحبتك له .
يا ولدي ، انتبه لدراستك ومستقبلك ، هذه أمنية والدك فحققها لكي يشعر بالسعادة حينما يراك في مقدمة الناجحين في الحياة .
يا ولدي ، لا تنشغل بدنياك عن والدك ، واقترب منه وساعده في أعماله ومواعيده ، لقد تعبَ والدك كثيراً وتقدم به السن .
يا ولدي لقد شابت لحية أبيك ، وهو بحاجةٍ لك .
فاقترب منه بحنانك وكلامك الطيب وعاطفتك الصادقة ، اجلس عند قدميه وقبلها ، ودعه يتحدث لك بما يحب ، وأنصت له .
إن تلك اللحظات هي الدواء لوالدك من هموم الحياة التي أحاطت به منذ خمسين سنة.
والدك بحاجة لبعض مالك فلا تبخل عليه ، واحتسب ذلك في ميزان حسناتك ، " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً ".
يا بني ، لا تفتح مواضيعَ محزنة أمامَ والدك ، يكفيهَ أحزانُ الحياة ، واكتم همومك ، ولا يشعر منك إلا بالبسمةِ والأملِ والتفاؤل .
إن برك بوالدك سوف تجده في ولدك في الأيامِ القادمة .
يا ولدي ، إن برك بوالديك يجعلك من الذين تُستجابُ دعواتهم ، ودليل ذلك قصة الثلاثة الذين دخلوا كهف ونزلت حجرة فأغلقت عليهم فدعوا الله بصالح أعمالهم وكان منهم ذلك البار بوالديه فاستجاب الله لهم ودفعوا الصخرة وخرجوا يمشون .
اللهم اغفر لنا تقصيرنا في بر والدينا .
--------------
الحمد لله .
معاشر الكرام ، لقد تحدث الوعاظُ والدعاةُ كثيراً عن هذا الموضوع ، وكلنا بحاجةٍ للتذكير بشأن الوالدين لأن البعض بدأ يقصر في ذلك وخاصةً بسببِ الإدمانِ على مواقع التواصل .
وهنا مظاهرْ جديدة للعقوق :
١- عدم التحدث معهم بسبب الجوال .
٢- إهمال جانب الأب والتركيز على الأم .
٣- الانشغال بالسفر مع الزوجة والتنزه معها هناك وهناك وإهمال الوالدين ، والواجب أن يكون هناك توازن بين زيارة الوالدين وخدمتهم وبين مراعاة ظروف زوجتك وأولادك .
ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول : أعط كل ذي حق حقه .
٤- بعض الشباب يرفع صوته على والده حينما يوقظه للصلاة وهذا لا يجوز وهو دليلّ على سوء الأدب .
٥- إهمالُ دراستك وكثرةُ الخروج من المنزل يبغض والديك ويجلبُ لهم القلق تجاه مستقبلك ، فاتق الله في مراعاة ذلك .
أيها الشباب ، هذه ومضات حول العناية بالوالد ، لأنه بحاجة للكلام عنه .
فاتقوا في آبائكم وأمهاتكم ، وتنافسوا في البر بهما ، وتوبوا إلى الله من كل لحظةٍ أخطأتم فيها على والديكم .
اللهم أرزقنا بر والدينا أحياءً وأمواتاً .
اللهم من كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية والسرور .
ومن كان منهم ميتاً فاجعل قبره روضةً من رياض الجنان ..
سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
مكتبة الصوتيات
من أحكام الأذان والإقامة
0:00
حلاوة الإيمان
0:00
مآسي المخدرات
0:00
امتحان القلوب
0:00
عمل المرأة
0:00
عدد الزوار
4159489
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة |