• الخميس 19 جُمادى الأولى 1446 هـ ,الموافق :21 نوفمبر 2024 م


  • الجزء ( 13 ) المجموعة ( 1 )



  • ٥- مقدمات عن الفتن :

    الفتن جمع فتنة ، قال الراغب : أصل الفتن إدخال الذهب في النار لتظهر جودته من رداءته ويستعمل في إدخال الإنسان النار ، ومن إطلاقاتها :

    1- تطلق على العذاب كقوله " ذوقوا فتنتكم " .

    2- وعلى ما يحصل عند العذاب كقوله تعالى " ألا في الفتنة سقطوا " .

    3- الاختبار كقوله " وفتناك فتونا " .

    4- وفيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء وفي الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالاُ قال تعالى " ونبلوكم بالشر والخير فتنة " .

    ومنه قوله " وإن كادوا ليفتنونك " أي يوقعونك في بلية وشدة في صرفك عن العمل بما أوحى إليك .

    وقال أيضا : الفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله ومن العبد كالبلية والمصيبة والقتل والعذاب والمعصية وغيرها من المكروهات فإن كانت من الله فهي على وجه الحكمة ، وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله فهي مذمومة فقد ذم الله الإنسان بإيقاع الفتنة كقوله " والفتنة أشد من القتل " .

    وقوله " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات " .

    وكقوله " واحذرهم أن يفتنوك " .

    وقال غيره : أصل الفتنة الاختبار ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختبار إلى المكروه ، ثم أطلقت على كل مكروه أو آيل إليه كالكفر والإثم والتحريق والفضيحة والفجور وغير ذلك .

    5- حديث ٧٠٤٩  في الحوض ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم : ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني ".

    قلت - سلطان - : يظهر من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو من يعطيهم ليشربوا .

    ٦- في قوله تعالى " واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ".

    أخرج الطبري عن ابن عباس : أمر المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العقاب .

    ٦- في حديث عدي بن عميرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله عز وجل لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة .

    أخرجه أحمد بسند حسن وهو عند أبي داود من حديث العرس بن عميرة وهو أخو عدي وله شواهد من حديث حذيفة وجرير وغيرهما عند احمد وغيره .

    ٧- حاصل كلام العلماء فيمن يرجعون عن الحوض .

    قال الحافظ : وحاصل ما حمل عليه حال المذكورين أنهم ان كانوا ممن ارتد عن الإسلام ، فلا إشكال في تبري النبي صلى الله عليه وسلم منهم وإبعادهم ، وإن كانوا ممن لم يرتد لكن أحدث معصية كبيرة من أعمال البدن أو بدعة من اعتقاد القلب فقد أجاب بعضهم بأنه يحتمل أن يكون أعرض عنهم ولم يشفع لهم إتباعا لأمر الله فيهم حتى يعاقبهم على جنايتهم ولا مانع من دخولهم في عموم شفاعته لأهل الكبائر من أمته فيخرجون عند إخراج الموحدين من النار.

     ٨- في التعامل مع ولاة الأمر ، حديث ٧٠٥٢ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم : إنكم سترون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم .

    قوله " سلوا الله حقكم " أي اطلبوا من الله أن يلهمهم إنصافكم أو يبدلكم خيراً منهم .

    ٩- حديث ٧٠٥٤ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : من رأى من أميره شيء يكرهه فليصبر عليه فإن من فارق الجماعة فمات إلا مات ميتة جاهلية .

    ليس المراد أنه يموت كافراً بل يموت عاصياً ، كميتة أهل الجاهلية على ضلال وليس لهم إمام مطاع ، وقيل ورد ذلك مورد الزجر والتنفير وظاهره غير مراد ، وفي الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار .

    وقد أجمع العلماء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين للدهماء إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح . و ص ١١

    ١١- لفظ " أغيلمة " تصغير غلام ، يقال للصغير حين يولد إلى أن يحتلم غلام ، وقد يطلق على الرجل المستحكم القوة غلام تشبيهاً به بالغلام في قوته .

    ١٢- حديث ٧٠٥٨ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم " هلكة أمتي على يد غلمة من قريش ".

    المراد بالأمة هنا أهل ذلك العصر ومن قاربهم لا جميع الأمة إلى يوم القيامة ، وغلمة قريش ، بداياتهم من سنة ستين وقد كان فيها يزيد بن معاوية والمراد أنهم يُهلكون الناس بسبب طلبهم الملك والقتال لأجله فتفسد أحوال الناس ويكثر الخبط بتوالي الفتن .

    ١٢- كان أبو هريرة يمشي في السوق ويقول : اللهم لا تدركني سنة ستين ولا إمرة الصبيان . رواه ابن أبي شيبة .

    ١٣- اختار مالك هجر الأرض التي يُصنع فيها المنكر جهاراً وقد صنع ذلك جماعة من السلف .

    ١٣- الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم أبا هريرة بأسماء غلمان قريش الذين يخرجون ، ولم يأمره بالخروج عليهم مع إخباره بأن هلاك الأمة على أيديهم لكون الخروج أشد في الهلاك وأقرب للاستئصال من طاعتهم فاختار أخف المفسدتين وأيسر الأمرين .

    ١٨- حديث 7061 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم : يتقارب الزمان .

    المراد بالتقارب ، ذكر الحافظ عدة أقوال ثم قال : والحق أن المراد نزع البركة من كل شيء حتى من الزمان وذلك من علامات قرب الساعة .

    وقال بعضهم : معنى تقارب الزمان استواء الليل والنهار .

    قلت وهذا مما قالوه في قوله إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب .

    قال النووي تبعاً لعياض وغيره : المراد بقصره عدم البركة فيه وأن اليوم مثلا يصير الانتفاع به بقدر الانتفاع بالساعة الواحدة .

    قالوا وهذا أظهر وأكثر فائدة وأوفق لبقية الأحاديث ، وقد قيل في تفسير قوله " يتقارب الزمان " قصر الأعمار بالنسبة إلى كل طبقة فالطبقة الأخيرة أقصر أعمارا من الطبقة التي قبلها وقيل تقارب أحوالهم في الشر والفساد والجهل وهذا اختيار الطحاوي .

    قال ابن أبي جمرة : يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان قصره على ما وقع في حديث " لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر" وعلى هذا فالقصر يحتمل أن يكون حسياً ويحتمل أن يكون معنوياُ .

    أما الحسي فلم يظهر بعد ولعله من الأمور التي تكون قرب قيام الساعة .

    وأما المعنوي فله مدة منذ ظهر يعرف ذلك أهل العلم الديني ومن له فطنة من أهل السبب الدنيوي فإنهم يجدون أنفسهم لا يقدر أحدهم أن يبلغ من العمل قدر ما كانوا يعملونه قبل ذلك ويشكون ذلك ، ولا يدرون العلة فيه ولعل ذلك بسبب ما وقع من ضعف الإيمان لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه .

    وأشد ذلك الأقوات ففيها من الحرام المحض ومن الشبه ما لا يخفى حتى إن كثيرا من الناس لا يتوقف في شيء ومهما قدر على تحصيل شيء هجم عليه ولا يبالي .

    والواقع أن البركة في الزمان وفي الرزق وفي النبت إنما يكون من طريق قوة الإيمان وإتباع الأمر واجتناب النهي ، والشاهد لذلك قوله تعالى " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " .

    وقال البيضاوي يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان تسارع الدول إلى الانقضاء والقرون إلى الانقراض فيتقارب زمانهم وتتدانى أيامهم .

    ٢٠- حديث 7061 في علامات الساعة " ويُلقى الشح " .

    المراد إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم حتى يبخل العالم بعلمه فيترك التعليم والفتوى ويبخل الصانع بصنعته حتى يترك تعليم غيره .

    والشحيح شرعاً : هو من يمنع ما وجب عليه ، وإمساك ذلك ممحق للمال مذهب لبركته ويؤيده حديث " ما نقص مال من صدقه ".

    ٢١- لفظ الهرج ، له معاني ومنها : شدة القتل وكثرته والفتنة والاختلاط وكثرة النكاح .

    ٢٢- كيف نجمع بين حديث " من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء " وبين حديث " لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى تقوم الساعة " .

    الجواب – بتصرف - ما جاء في صحيح مسلم : إن الله يبعث ريحاً من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحداً في قلبه ذرة من إيمان إلا قبضته " .

    فهذه الريح تأتي لتأخذ البقية المؤمنة التي في حديث " لاتزال ".

    ثم لا يبقى بعد ذلك إلا شرار الخلق فعليهم تقوم الساعة .

    ٢٣- حديث ٧٠٦٨ قال أنس : اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقو ربكم ، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم .

    وعند الطبراني بسند جيد عن ابن مسعود موقوفاً عليه : ليس عام إلا والذي بعده شر منه " . وهناك مبحث طويل في توجيه هذا القول .

    ٢٧- حديث 7070 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : من حمل علينا السلاح فليس منا .

    معنى " فليس منا " أي ليس على طريقتنا أو ليس متبعا لطريقتنا لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه بحمل السلاح عليه لإرادة قتاله أو قتله .

    ونظيره " من غشنا فليس منا ، وليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب " ، وهذا في حق من لا يستحل ذلك فأما من يستحله فإنه يكفر باستحلال المحرم بشرطه لا مجرد حمل السلاح .

    والأولى عند كثير من السلف إطلاق لفظ الخبر من غير تعرض لتأويله ليكون أبلغ في الزجر .

    وكان سفيان ابن عيينة ينكر على من يصرفه عن ظاهره فيقول معناه ليس على طريقتنا ويرى أن الإمساك عن تأويله أولى لما ذكرناه .

    تنبيه : الوعيد المذكور لا يتناول من قاتل البغاة من أهل الحق فيحمل على البغاة وعلى من بدأ بالقتال ظالما .

    ٢٨- أحاديث في تحريم رفع السلاح أو الإشارة به على المسلم .

    1- في البخاري 7072 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح ، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده ، فيقع في حفرة من النار.

    قال ابن بطال : في الحديث النهي عما يفضي إلى المحذور وإن لم يكن المحذور محققاً سواء كان ذلك في جد أو هزل .

    2- وفي حديث أبي هريرة عند بن أبي شيبة وغيره مرفوعاُ من رواية ضمرة بن ربيعة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه " الملائكة تلعن أحدكم إذا أشار إلى الآخر بحديدة وإن كان أخاه لأبيه وأمه " .

    3- وأخرجه الترمذي من وجه آخر عن أبي هريرة موقوفا من رواية أيوب عن بن سيرين عنه وأخرج الترمذي أصله موقوفا من رواية خالد الحذاء عن بن سيرين بلفظ " من أشار إلى أخيه بحديدة لعنته الملائكة " وقال حسن صحيح غريب وكذا صححه أبو حاتم من هذا الوجه وقال في طريق ضمرة منكر .

    4- وأخرج الترمذي بسند صحيح عن جابر " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعاطى السيف مسلولاً " .

    5- ولأحمد والبزار من وجه آخر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم في مجلس يسلون سيفا يتعاطونه بينهم غير مغمود فقال : ألم أزجر عن هذا إذا سل أحدكم السيف فليغمده ثم ليعطه أخاه.

    6- ولأحمد والطبراني بسند جيد عن أبي بكرة نحوه وزاد " لعن الله من فعل هذا إذا سل أحدكم سيفه فأراد أن يناوله أخاه فليغمده ثم يناوله إياه " .

    قال ابن العربي : إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن فكيف الذي يصيب بها ، وإنما يستحق اللعن إذا كانت إشارته تهديداً سواء كان جاداً أم لاعباً كما تقدم وإنما أوخذ اللاعب لما أدخله على أخيه من الروع ، ولا يخفى أن إثم الهازل دون إثم الجاد وإنما نهى عن تعاطي السيف مسلولاً لما يخاف من الغفلة عند التناول فيسقط فيؤذي .

    ٣٠- حديث 7077  عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا ترجعوا بعدى كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض .

    معنى " كفاراً " قيل في توجيه ذلك :

    1- أن المراد ستر الحق ، والكفر لغة الستر لأن حق المسلم على المسلم أن ينصره ويعينه فلما قاتله كأنه غطى على حقه الثابت له عليه .

    2- أن الفعل المذكور يفضي إلى الكفر لأن من اعتاد الهجوم على كبار المعاصي جره شؤم ذلك إلى أشد منها فيخشى أن لا يختم له بخاتمة الإسلام .

     3- وقال الداودي معناه : لا تفعلوا بالمؤمنين ما تفعلون بالكفار ولا تفعلوا بهم ما لا يحل وأنتم ترونه حراما .

    ٣٣- حديث ٧٠٨١ لما تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الفتن قال " من تشرف لها تستشرفه " أي من تطلع وتصدى لها ولا يعرض عنها .

    تستشرفه أي تهلكه بأن يشرف منها على الهلاك ، يقال استشرفت الشيء علوته وأشرفت عليه .

    ٣٧- حينما تقتل فئتان من المسلمين فالواجب هو نصرة الحق وقتال الباغين وهذا منهج جمهور الصحابة والتابعين ، وقيل لا يدخل في القتال .

    ٣٧- فيما جرى بين الصحابة اتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد . و ٤٦  - ٧٢

    ٣٨- الذين توقفوا في القتال في الجمل وصفين أقل عدداً من الذين قاتلوا ، وكلهم متأول مأجور إن شاء الله .

     


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    وصايا قبل الحج

    0:00

    ادع إلى سبيل ربك

    0:00

    الإحسان إلى الوالدين

    0:00

    رسائل للشباب

    0:00

    غير مسارك

    0:00



    عدد الزوار

    4970399

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة