• الخميس 19 جُمادى الأولى 1446 هـ ,الموافق :21 نوفمبر 2024 م


  • مسائل في أحكام صلاة التطوع ( السنن الرواتب )


  •  

    صلاة التطوع هي ما زاد عن صلاة الفريضة .

    ولها فوائد ومنها :

    1- أنها تجبر النقص الذي يكون في الفريضة .

    والدليل : عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت خاب وخسر، وإن انتقص من فريضته قال الله تعالى: انظروا هل لعبدي من تطوع يكمل به ما انتقص من الفريضة ؟ ثم يكون سائر عمله على ذلك " .

    أخرجه الترمذي وغيره ، وانظر "صحيح الترغيب والترهيب" (538) .

    2- أن المحافظة عليها دليل الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يحافظ عليها .

    3- أنها سبب لمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة كما في الحديث :

    عن أبي فراس ربيعة بن كعب الأسلمي قال : كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فآتيه بوضوئه وحاجته ، فقال : سلني ، فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة ، فقال : أو غير ذلك ؟ قلت : هو ذاك . قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود  . رواه مسلم .

    وعلى هذا فمن أكثر من صلاة التطوع فهو حريٌ أن يفوز بمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم .

    صلاة التطوع أنواع :

    1 - منها ما يشرع له الجماعة كالتراويح والاستسقاء والكسوف والعيدين.

    2 - ومنها ما لا يشرع له الجماعة كصلاة الاستخارة.

    3 - ومنها ما هو تابع للفرائض كالسنن الرواتب.

    4 - ومنها ما ليس بتابع كصلاة الضحى.

    5 - ومنها ما هو مؤقت كصلاة التهجد.

    6 - ومنها ما ليس بمؤقت كالنوافل المطلقة.

    7 - ومنها ما هو مقيد بسبب كتحية المسجد وركعتي الوضوء.

    8 - ومنها ما ليس مقيداً بسبب كالنوافل المطلقة.

    9 - ومنها ما هو مؤكد كصلاة العيدين والاستسقاء والكسوف والوتر.

    10 - ومنها ما ليس بمؤكد كالصلاة قبل صلاة المغرب ونحوها.

    وهذا من فضل الله على عباده ، حيث شرع لهم ما يتقربون به إليه، ونوَّع لهم الطاعات ليرفع لهم بها الدرجات، ويحط عنهم السيئات، ويضاعف لهم الحسنات، فلله الحمد والشكر.

    مسألة :

    سُمّيت السنن الرواتب بذلك لأن الإنسان يرتبها ويستمر عليها ، فينبغي للإنسان أن يحافظ عليها فهي مكملة للفرائض.

    وهي التي قال ابن عمر رضي الله عنه: عشر ركعات حفظتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الفجر، حدثتني حفصة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن صلى ركعتين وهما آكدها . متفق عليه .

    وجاء في حديث أم حبيبة أنها اثنتا عشرة ركعة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، والحديث: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حافظ على اثنتي عشرة ركعة في كل يوم وليلة بنى الله له بيتاً في الجنة .

    والزيادة في حديث أم حبيبة صحيحة وثابتة، وتكون أربع ركعات قبل الظهر بسلامين، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر.

    مسألة :

    إذا صلى أربع ركعات بعد الظهر فهو أفضل ، فيزيد أيضاً ركعتين ؛ لما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى أربع ركعات قبل الظهر وأربعاً بعدها حرّمه الله على النار . رواه أبو داود بسند صحيح ، وهذه ليست من الرواتب ، لكن إذا زاد ركعتين فيكون أفضل.

    مسألة :

    يشرع أن يصلي أربع ركعات قبل العصر لما جاء في الحديث: رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً . أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ، وانظر " صحيح الترغيب والترهيب " (584).

    وهذه ليست من السنن الرواتب ، ولكنها داخلة في أبواب صلاة التطوع .

    مسألة :

     يسن أن يصلي ركعتين بعد كل أذان ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:  بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة . رواه البخاري .

    مسألة :

    السنن الرواتب تقضى إذا فاتت مادام الوقت باقياً ، فإذا فاتت السنة القبلية بعد الظهر يصليها بعد الظهر إلى دخول وقت العصر، وسنة المغرب إلى مغيب الشفق ، وسنة العشاء إلى نصف الليل .

    قال شيخنا عبدالكريم الخضير : قال أهل العلم : إذا خرج الوقت فالنوافل سنن فات وقتها كما يقولون ، فعلى هذا لا تقضى .

    وقضاء الرواتب في غير وقت فرضها من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-، فقد قضى راتبة الظهر بعد العصر، بعد صلاة العصر .

    فائدة :

    يسن الفصل بين الفرض وراتبته القبلية أو البعدية بانتقال أو كلام .

    والدليل ، قول معاوية رضي الله عنه : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج " . رواه مسلم .

    فائدة :

    يجوز في صلاة التطوع الجلوس مع القدرة على القيام ، ومن صلى قائماً فهو أفضل ، كما في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الرجل قاعدا فقال: إن صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد " أخرجه البخاري .

    وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: حدثت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة . أخرجه مسلم.

    مسألة :

    إذا صلى سنة الظهر الأربع بسلام واحد فكثير من الفقهاء يرى أنه لا حرج ، ولكن الأفضل أن يسلم لكل ركعتين ، أما صلاة الليل فلا يجوز صلاة أربع مرة واحدة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى . متفق عليه . وهذا خبر بمعنى الأمر.

    أما صلاة النهار فقد جاء في رواية النسائي : صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ، وبعض العلماء قالوا: في كلمة ( والنهار ) إنها غير ثابتة ، فعلى هذا لا بأس أن يصلي أربعاً ، لكن الأفضل أن يسلم لكل ركعتين .

    مسألة :

    ركعتا الفجر آكد السنن الرواتب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها . رواه مسلم .

    وفي الحديث الآخر أن عائشة رضي الله عنها أن  رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن على شيء أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح .
    أخرجه مسلم .

    يسن تخفيفها :

    وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخفف القراءة في ركعتي الفجر.

    فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح؛ حتى إني لأقول: هل قرأ بأم الكتاب ؟ متفق عليه .

    ماذا يقرأ فيها :

    يستحب القراءة في ركعتي الفجر بما ورد في الأحاديث الآتية:

    1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الفجر: { قل يا أيها الكافرون } و { قل هو الله أحد } . أخرجه مسلم .

    وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في ركعتي الفجر: { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا } والتي في آل عمران { تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } " أخرجه مسلم .

    تنبيه :

    جاء في حديث " لا تدعو ا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل " رواه أحمد وأبو داود ، وضعفه الألباني في " الأحاديث الضعيفة " ( 1534 ) .

    فائدة :

    ركعتا الفجر صلاتهما في البيت أفضل إذا تيسر، وكان النبي يصليهما في بيته ، وكان إذا أذن المؤذن وطلع الصبح جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فركع -أي: النبي صلى الله عليه وسلم- ركعتين ثم اضطجع على شقه الأيمن ، ثم يخرج يصلي بالناس ، فالأفضل إن تيسر صلاتهما في البيت ، وإن لم يتيسر صلاهما في المسجد .

    فائدة :

    سنة الفجر ركعتان فقط ، وبعض الناس قد يزيد وهذا مخالف للسنة .

    فائدة :

    قضاء سنة الفجر جاء ما يدل على أنها تصلى بعد صلاة الفجر مباشرة وتصلى أيضاً بعد طلوع الشمس ، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي بعد الفجر فقال : آصبح أربعاً ؟ فذكر أنه لم يصل ركعتين قبل الفجر؛ فسكت. رواه أبو داود بسند صحيح . وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم فيه إقرار على صحة فعله .

    وإن أخرها إلى بعد طلوع الشمس فلا حرج، فهذا كله جائز.

    والدليل : عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من لم يصل ركعتي الفجر؛ فليصلهما بعد ما تطلع الشمس .

    أخرجه الترمذي وابن خزيمة وهو في "الصحيحة" (2361).

    فائدة :

    من السنة قراءة سورة الكافرون والإخلاص في الركعتين بعد المغرب .

    والدليل : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( رَمَقتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِشرِينَ مَرَّةً يَقرَأُ فَي الرَّكعَتَينِ بَعدَ المَغرِبِ ، وَفِي الرَّكعَتَينِ قَبلَ الفَجرِ : " قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ "  و " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " ) .

    رواه النسائي وقال النووي في "المجموع "  : إسناده جيد . وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " والشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند .

    فائدة :

    الأفضل صلاة جميع السنن الرواتب في البيت ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلوا في بيوتكم ، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة . رواه البخاري .

    وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده ؛ فليجعل لبيته نصيبا من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا . أخرجه مسلم .

    وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا " أخرجه البخاري ، ومسلم .

    ومن فوائد صلاة الرواتب في البيت :

    1- أن في ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يصليها في بيته .

    2- أن رؤية الأهل لك وأنت تصلي في البيت شيء جميل حيث تغرس فيهم حب الصلاة والعبادة .

    3- أن ذلك ادعى للإخلاص حيث لا يراك الناس .

    4- أن الصلاة في البيت تجعل فيه البركة والخير .

    تنبيه :

    من كان بيته بعيد ويخشى لو صلى السنة في البيت أن يتأخر عن الفريضة فلا يصلي السنة في البيت بل يبكر بالذهاب للمسجد ليدرك الصف الأول وتكبيرة الإحرام .

    تنبيه :

    بعض الناس لا يصلي السنة البعدية في المسجد ويقول سأصليها في البيت ، وربما نسيها أو انشغل عنها ، فالأفضل في حقه أن يصليها في المسجد حتى لايفوته الأجر الوارد فيها .

    مسألة :

    الركعتان قبل المغرب سنة ثابتة ؛ لما في صحيح البخاري : أن الصحابة كان يبتدرون السواري بعد أذان المغرب فيصلون ركعتين.

    ولقوله صلى الله عليه وسلم: صلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب ، ثم قال في الثالثة: لمن شاء وقوله: لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة واجبة ، ولو لم يقل: لمن شاء  لصارت واجبة ، فدل على أنها مستحبة.

    مسألة :

    تسقط السنن الرواتب في السفر كراتبة الظهر والمغرب والعشاء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتركها في السفر ، إلا ركعتي الفجر؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتركها حضراً ولا سفراً.

     


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    تأملات من سورة الجاثية - 2

    0:00

    سورة الزمر

    0:00

    رسائل للزوج

    0:00

    القرآن نور

    0:00

    يا نفسُ توبي

    0:00



    عدد الزوار

    4970399

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة