• الثلاثاء 14 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :23 ابريل 2024 م


  • مآسي المخدرات



  • الحمد لله الذي بيده مفاتيحُ التوفيق والسعادة .

    الحمد لله الذي وهبنا نعمةَ العقل لنميز به ماينفعنا ومايضرنا .

    والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد ، الذي ماترك خيراً الا ودلنا عليه ولاشراً الا وحذرنا منه .

    أما بعد ، في تلك المحكمةِ يعملُ صاحبي ، زارني ليخبرني بقصةٍ أليمةٍ وقعت ، واعترف صاحبها بها ، وملخص القصة :

    كان ذلك الرجل يتعاطى المخدرات وكانت زوجته تنصحه بين وقت وآخر .

    وفي تلك الليلة وهو في حالةِ إدمان وقد غابَ العقل أخذ سكينةً وقام بذبحِ زوجته وهي في غرفة النوم وتركها تنزف دماً في حالةٍ تعجزُ الأفلامُ تصويرها ثم نام في نفس الغرفة .

    قام الصباح وقد هدأ من ضرر المخدر ورأى طفلته الرضيعة تقتربُ من أمها لترضع منها ، ولكن الأم ملطخةٌ بالدماء وقد فارقت الحياة .

    فجنّ جنونه وقام يصرخ في الشارع ، قتلت زوجتي ، ورفعت قضيته للمحكمة ، فماظنكم ؟ .

    ماتت الأم ، وحُكم بالقصاصِ على الأب ، وسوف تعيشُ تلك الطفلة لوحدها في الحياة والسبب أن والدها كان مدمناً للمخدرات .

    معاشر الكرام ، لعلكم سمعتم بقصصٍ أكبر منها ، ولكن هي واحدةٌ من عشراتِ القصص التي تساهم في التوعيةِ بأضرارِ المخدرات ، " لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأولي الألباب " .

    أيها المسلمون ، إن بلادَ العالَم تعيشُ حرباً ضد المخدرات ، ونحن في بلادنا المباركة نواجه أضعاف تلك الحروب لأننا مستهدفون في أمننا وفي ديننا وفي شبابنا وفي عفافِ نساءنا .

    إنها حربٌ كبيرة ويعملُ أصحابها بذكاء مع التنسيق مع العصاباتِ العالمية .

    أيها الفضلاء ، بين يدي معالم وهمسات في التوعيةِ بأضرارِ المخدرات .

    أولاً : من أضرار المخدرات :

    ١- الإصابة بالأمراض والالتهابات الغريبة ، فهي تدمرُ الخلايا في المخ وتسبب أمراض القلب ، مما يجعلها تدمرُ صحة المتعاطي وقد يموتُ بسببها ، وكم رأينا من مات وهو متعاطي للمخدرات .

    ٢- ومن أضراراها : التأثيرُ النفسي السيء على المتعاطي وضعفِ التفكيرِ والقلق المستمر وإهمال الذات .

    ٣- ومنها : البعدُ عن الله وتركِ الصلوات وممارسةِ الفواحش .

    ٤- ومن أضرارها على أسرةِ المتعاطي : المشكلات ثم الطلاق وضياع الأبناء .

    ٥- ومنها : أن المروج للمخدرات يُعرِّض نفسه للسجن ثم القصاص ، وكم في السجون من رجال قضوا عدةَ سنوات في السجن ثم القصاص .

    ومن التنبيهات لك أيها الأب : أن تتعرف على أبرز علامات الإدمان حتى إذا رأيتَها على ولدك فإنك تنتبه وتبدأ بالمراقبةِ والرعاية ، فمن تلك العلامات :

    الإصابةُ بالرشح والسعال وارتفاع درجات الحرارة ، ومنها : احمرارُ العين والرغبةِ المستمرة في النوم ، ومنها : انخفاضُ الوزن وتراخي في العضلات .

    ومنها : رعشة في أطراف الجسم ، ومنها : ضعفُ الذاكرة وعدمِ القدرة على التركيز ، والرغبة في الانعزال عن المجتمع .

    ومنها : العصبية الزائدة وكثرة الخلافات والمشاجرة ، ومنها : 
    عدم الاهتمام بالمظهر الخارجي .

    معاشر الكرام ، إن الوقوع في المخدرات له أسبابٌ كثيرة ويجبُ علينا أن ندركها ، ونعلمُ بواجبنا تجاهَ تلك الأسبابِ حتى لانتفاجأ بوقوعِ أولادنا وشبابنا فيها ونحن لانشعر .

    فمن الأسباب :
    ١- صديق السوء ، وهذا مما لايختلفُ فيه اثنان ، وكم من ولدٍ نشأ في بيئةٍ طيبة ولم يكن يسمع عن المخدرات وربما لم يشاهدها في حياته ، ولكن لما جلسَ مع أصحابِ السوء إذ به يقع فيها تدريجياً ، فا
    حذر أخي الشاب من صديقك .

    وكم في السجون من شبابٍ حُكم عليهم بالسنواتِ الطوال بسبب ترويج المخدرات والسبب الذي أوقعهم في ذلك هو صديق السوء ، قال صلى الله عليه وسلم : المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل .

    ٢- ومن الأسباب : حب التجربة .
    إن بعض الشباب قد تُحدثه نفسه بالمغامرةِ والدخولِ في المخدرات والتجربة لها ، وهذا سيقوده بلاشك في الإدمان ، إن لم يتدارك نفسه من أولِ الطريق .

    ٣- ومن أسباب الوقوع في المخدرات : الفراغ .
    إن من الوصايا النبوية " اغتنم خمساً قبل خمس ، وذكر منها وفراغك قبل شغلك ".

    إن الشاب الذي يوجدُ لديه فراغٌ كبير ولايملأه بماينفعه في دينه أو دنياه قد يوقعه الشيطان في شباك المخدرات .

    ٤- ومن الأسباب : السفر للبلاد المشبوهة .
    إن السفرَ والترفيه مما تحبه النفوس ، ولكن حينما يسافرُ الشابُ لوحدهِ لبلد مشبوه أو يسافرُ مع أصدقاءٍ عليهم سلوكيات غير جيدة ، 
    فإن هذا قد يوقعهم في السقوط في عصاباتِ المخدرات ، وكم هي القصص التي قرأناها وسمعناها لشبابٍ كانوا على خير ، ولكنهم وبعد تلك الرحلةِ لذلك البلد رجعوا وهم من ضحايا المخدرات .

    ٥- ومن الأسباب : الرغبةُ في الحصول على المال .
    وذلك حينما لايجدُ ذلك الشاب المالَ من والدهِ أو ربما يكونُ والده فقيراً ، وربما لم يجد وظيفة فيتجه للمخدرات لكي يتاجرَ فيها ويجني المال ، والمخدرات سوقٌ كبير تعتمدُ عليه الكثير من العصابات في العالم ، 
    ومن هنا لابد أن نتعاون في سدِّ حاجة شبابنا مالياً بقدر مانستطيع .

    وعليك أيها الأب أن تمنحَ ولدكَ المالَ باعتدال لكي تحفظهُ من الوسائلِ غير المشروعة في كسب المال .

    واعلموا ياكرام أن الصدقةَ على المحتاجين تحميهم بإذن الله من الممارساتِ الخاطئة لكسبِ المال فتصدقوا عليهم واحتسبوا الأجر في ذلك .

    ٦- ومن الأسباب : غفلةُ الوالدين عن ولدهم .
    فهم لايعلمون أين يذهب ولا مع من يمشي ، ولايراقبونَ التغيراتِ التي تصدرُ منه في سلوكه أو صحته أو دراسته ، وهنا نعاتب الوالدين ، حرامٌ عليكم هذه الغفلة عن ولدكم ، 
    قال صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته " رواه البخاري .

    ٧- ومن الأسباب : التفكك الأسري ، لأن الطلاقَ يجعلُ الشابَ يعيشُ بعيداً عن الأب أو بعيداً عن الأم وهذا يساهم في انعزاله عنهم والبحث عن الصديق والمال والمخدرات إن لم يحفظه الله .

    ٨- ومن الأسباب : أن يكون أحد الوالدين واقعٌ في الإدمان فيقلدهم ذلك الولد ، وقد جلست مع شاب يبلغُ من العمر ١٤ عام ، وقد وقع في المخدرات وسألته عن السبب ؟ فقال : أقاربي هم السبب ، والدي وعمي كلهم يتعاطون الحشيش .

    ٩- ومن الأسباب : ضعفُ التوجيه وغيابُ الدور لدى بعض المؤسسات الإعلامية كالقنوات ومواقع التواصل وخطب الجمعة ، بل إن بعض القنوات تصور بعض الأفلام التي يكون فيها البطل من المدخنين أو من متعاطي المخدرات .


    اللهم احفظ شبابنا وبلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وبلاء .

    -------------

    الحمد لله .

    أيها الفضلاء ، إن من الواجبِ علينا أن نتعاونَ في التحذيرِ من المخدرات وأن نحافظَ على المجتمع منها ، وهذه بعض الرسائل :

    الرسالة الأولى : نبدأ بك أيها الأب ، إن الشبابَ هم السوقُ الكبيرُ للمخدرات ، وولدك إن لم تحذر عليه وتراقب تصرفاته بذكاء فقد يكون من ضحايا المخدرات ، وللأسف فإن الأبَ المشغولَ عن بيته بكثرةِ الأسفار أو اللقاءات مع الزملاء أو التجارة وغيرها ، قد يتفاجأ بوقوع ولده في تلك المخدرات .

    الرسالة الثانية : دور المعلمين في توعية الشباب بخطر المخدرات ، وممارسة عدة أساليب في التحذير منها ، ولاشك أن هذه التوعية لها أثر بالغ في حمايةِ شبابِنا من جحيم المخدرات .

    إذ ربما يكونُ ذلك البرنامج التوجيهي يحمي شاب قد وقع ، وربما يحمي شاب كاد أن يقع في تلك المخدرات .

    أيها المعلمون ، إنكم تواجهون مئاتِ الشبابِ يومياً فاتقوا الله فيهم وعلموهم واحتسبوا الأجر في تحذيرهم مما يضرهم في دينهم ودنياهم .

    الرسالة الثالثة : إن الإعلامَ له دورٌ كبير في التوعيةِ بخطرِ وضررِ المخدرات سواءً الإعلام التلفزيوني أو مواقع التواصل وصناعة الافلام القصيرة التي توعي المجتمع ،كل ذلك سيساهم بلا شك في حماية المجتمع من المخدرات .

    الرسالة الرابعة : إلى كل من وقع في المخدرات ، عليك بالتوقفِ عنها فوراً ، وارجع إلى ربك ، وحكّم عقلك ، ولاتكن ألعوبةً بأيدي عصابات المخدرات ، وأتمنى أن تتعاون مع الجهات الأمنية في التبليغ عن مروجي المخدرات الذي تعاملت معم حتى نحمي المجتمع من شرورهم .

    الرسالة الخامسة : أبعثها لرجال الجمارك ومكافحة المخدرات الذين يعملون ليل نهار في حماية بلادنا وشبابنا من جحيم المخدرات ، شكراً لكم ، شكراً لكل واحدٍ منكم ، إنكم بعد الله تساهمون في حفظ أمننا وشبابنا وبناتنا وكل مصالحنا .


    اللهم إننا نستودعك بلادنا وبلاد المسلمين .
    اللهم احفظنا من مكر الماكرين ومن كيد الحاسدين .
    اللهم احفظ شبابنا وبناتنا من مآسي المخدرات .

    اللهم أصلح شبابنا وردهم إليك رداً جميلاً .
    اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك .

    وصلى الله على نبينا محمد .

     


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    الصمت الكبير

    0:00

    تلاوة من سورة الحديد - 20

    0:00

    من خصائص ليالي رمضان

    0:00

    صور من تواضع النبي عليه الصلاة والسلام

    0:00

    تقرب إلى الله

    0:00



    عدد الزوار

    4150242

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة