• الخميس 16 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :25 ابريل 2024 م


  • المحرمات المالية

  •  


    الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمةِ المال وجعله من مقومات حياتنا، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

    أما بعد ، ف
    في تلك الليلة حصلَ أمر غريب في بيت النبي صلى الله عليه وسلم ؛ حيث قام من الليل وهو في حالةِ أرق فقالت له زوجته : مالك يا رسول الله ؟ فقال : إني وجدتُ تحت جنبي تمرة فأكلتها وكان عندنا تمر من تمر الصدقة . رواه أحمد بسند صحيح .

    إن من خصائص النبي أنه لا يأكل الصدقة ولكن يأكل من الهدية .

    وفي هذا الحديث سمعنا كيف خاف الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون أكل من تمر الصدقة تمرةً واحدة .

    عجباً لحالِ بعضِ رجالنا الذين يخوضون في المالِ الحرامِ بكل صراحة .

    عباد الله .

    في مجتمعنا ابتلينا ببعض الناس الذين يحبون المال فلا همَّ لهم إلا الكسب ولا يوجد لديهم خوف من الله، فلا حلال ولا حرام في تصوراتهم؛ المهم هو المال فقط .

    أيها المسلمون .

    إن التعامل مع الناس ؛ بيعاً وشراءً ونحو ذلك أمرٌ خطيرٌ وعظيم ، ولقد جاء الوعيد الشديد على من غش فيها أو خدع ، أو أخذ مالَ أخيه المسلم بغير حق.

    قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ " .

    وفي الحديث الصحيح : من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة. فقال رجل : وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيباً من أراك . رواه مسلم.

    ومن أعظم البلية أن فئاماً من الناس لا يُلقون لجانب المعاملة مع الآخرين بالاً ، فربما ترى الرجلَ كثيرَ الصلاةِ والصوم ، لكنه إذا باع أو اشترى غشَّ الآخرين وخدعهم وأكل أموالَهم بالباطل .

    أيها الناس ، سوف نتجول في بعض المعاملات المالية المحرمة التي يقع فيها بعض الناس هداهم الله .

    1- فمن المحرمات المالية :
    القروض الربوية التي فيها تبادلُ مالٍ بمالٍ مع الزيادة في السداد؛ وهذا هو الربا الصريح الذي حرمه الله تعالى ، 
    قال تعالى: " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" .

    وفي الحديث الصحيح : لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه .

    فاحذر يا عبد الله من الوقوع في مثل ذلك، واسألِ العلماء قبل دخولك في المعاملات البنكية .

    2- ومن المعاملات المالية المحرمة ، أن تحلفَ بالله كاذباً لأجل ترويج سلعتك ، قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وذكر منهم : والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) رواه مسلم.

    3- ويحرم عليك أن تغشَ في البيع ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ( من غشنا فليس منا ) رواه مسلم .

    والغشُ له صورٌ كثيرة ؛ ومنها :

    ١- كتم عيبِ السلعةِ حتى لا يراها المشتري .

    ٢- ومن الغشِ في صيانةِ السيارات إخبارُ صاحب السيارة أن المبلغ المستحق في إصلاحِ الخلل في سيارته مثلاً بمبلغٍ كبير مع أنه لايستحق ذلك.

    ولكن صاحب السيارة لا يدري ، ويوافق على ذلك؛ لأنه لا يعرف القيمة الحقيقية وإنما يريد إصلاح العيب الذي في سيارته .

    ٣- ومن الغش ما يحصلُ في بعضِ المطاعم من سوءِ التنفيذِ للوجباتِ مما يضرُ بالمشترين في صحتهم وفي بذلِ أموالهم فيما يضرهم ، وكلنا يرى تلكَ المقاطع التي تنزلُ تباعاً في مواقعِ التواصل التي تتحدثُ عن الفساد في تلك المطاعم .

    وفي الحقيقة إننا نشكرُ كلَّ من يكشفُ ذلك الغش ويحذرُ الناس منه .

    والشكرُ موصولٌ لوزارةِ التجارة والبلديات الذين يراقبون الغش في تلك المحلات، ويتخذون معهم الإجراء المناسب مما يضمنُ سلامة الناس .

    4- ومن المحرماتِ في البيوع ، النجشُ وهو أن ترفعَ في قيمةِ السلعةِ حتى لا يشتريها الآخر ، وحينما نتأمل هذه المحرمات في البيوع تجدون أن الحكمة من ذلك هو حفظُ مال الناس و درءَ الخلافات والشقاق الذي سيقع بين الناس بسبب تلك التصرفات .

    5- ومن البيوع المحرمة ، بيعُ الغرر ؛ وهو كلُ بيعٍ احتوى على جهالة ، أو تضمن مخاطرةً أو قماراً ، فقد نهى الله عنه ومنع منه حفظاً لحقوق الناس وصيانة لأموالهم .

    6- ومن القضايا المالية التي يشتكي منها الكثير :
    عدم سدادِ الديون والمماطلة فيها مما يضر بصاحب المال .
    والديَّن خطره كبير ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذُ بالله منه ، وأخبر أن الشهيدَ يغفرُ له كل شيء إلا الدين .

    والعجيب أن البعض يقترض في الكماليات ولايبالي بإشغالِ الذمةِ بديونٍ جديدة وهو لم ينتهي من الديون السابقة .

    اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عمن سواك .

    اللهم أرزقنا فأنت خير الرازقين .

    ----------


    الحمد لله .

    عباد الله ، إن المحرماتَ في البيوع تتضمنُ مفاسدُ ومنها :

    ١- أن فيها معصيةٌ لله تعالى .

    ٢- أن فيها خداعٌ للناس وغشهم وهذا يُلِحق الضررَ بأموالهم .

    ٣- غيابُ الأمانة في التعاملات المالية مما ينذرُ بسوءٍ في المجتمع على المدى البعيد ، وقد وصفَ الله عباده الصالحين بقوله " وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ " .

    ٤- ومن المفاسد : محقُ بركةِ المال لذلك المشتري الذي أخذ المال عن طريق الغش والكذب ، وماذا تُراهُ أن يجدَ في ذلك المال الذي محقُ الله بركته .

    وماذا سيكونُ حال ذلك الغاش حينما يقف بين يدي الله ويسأله عن تلك المعاملات المالية .

    أيها الفضلاء ، إن البعض قد يستخدمُ ذكاءه في التحايل على الأموال ويلعبُ فيها يمنةً ويسرة، ولكنه ينسى أن الله لا تخفى عليه خافيه " أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى " .

    إن هذا المكر والتلاعب سيعود عليه في الدنيا قبل الآخرة " وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ".

    يا أخي ، لقد رحل قبلك الأغنياء على مر التاريخ فأين ما جمعوا وأين ما تركوا ؟ إنك بعدَ ثلاث ليالٍ في قبرك قد لعب بوجهك الدود واختفت في قبرك معالمَ جمالك وكبريائك .

    رفقاً بنفسك التي ربما تقودك لمساخط الرب وغضبه وانتقامه .

    اللهم إن خزائنَ الأرزاقِ بيدك فارزقنا من حيث لا نحتسب .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    رسائل للزوجة

    0:00

    تأملات من سورة الزخرف - 4

    0:00

    قصة في الدعاء على الأبناء

    0:00

    الموت والوقوف بين يدي الله تعالى

    0:00

    المرء مع من أحب

    0:00



    عدد الزوار

    4158061

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة