• الاربعاء 22 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :01 مايو 2024 م


  • أنا وأنت لسنا على صواب



  • من الحِكم الجميلة التي وقفتُ عليها " إن مِن أكبر عيوبك أن تعتقد أنك على صواب دائماً ".

    بكل صراحة نحن نرفض كثيراً من النقد والتصحيح الذي يواجهنا ، ونشعر بأننا على صواب دائماً في كل شيء ، وفي كل يوم ، وفي كل قرار ، وفي كل تصرف .

    نحن معصومون من الزلل ، هكذا يشعرُ بعضنا – حتى لو أزعجنا وقال : من عنده نصيحة فليخبرنا - .

    في ذلك البيت يرى الأب أن كل أقواله وأفعاله على صواب وأن كل نقد يأتيه من زوجته أو ولده فإنهم على خطأ .

    تلك الزوجة لا تخطئ أبداً وجميع تصرفاتها صواب 100% وحينما يعاتبها الزوج على أي تقصير ، فهو على خطأ وهو ظالم ولايُقِّدر السنين التي عاشها معها .

    ولعل رفضها لنصائح زوجها هو السبب في تماديها في عيوبها وبالتالي هي الآن " مطلقة " ولو أنها قبلت النصح وتلقت النقد بشكل إيجابي لبقيت " زوجة " .

    ذلك المدير يجلسُ على كرسي العصمة ، وكل خطاباتِه وقراراتِه واجتماعاتِه صواب ، وكل من يبدي رأياً آخر فهو جاهل بفنون الإدارة ولا يعرفُ المصالح العامة لتلك الجهة أو لتلك الشركة أو المؤسسة .

    ذلك الشيخ يعيش في ثياب الصواب ولايخطئ أبداً لا في درس ولافي فتوى ولا في برنامج ، وكل رأي يأتيه من طالبٍ أو رجلٍ عامي فإنه جاهل ولايعرف أصول العلم ولايُقِّدر المصالح الدعوية والعلمية للمجتمع ، وربما يصفه بأنه ليبرالي .

    لماذا نخافُ من النقد ؟

    لماذا نشعر أن كل نظرة ناصح هي نظرة حسد ؟

    يا ترى ماذا لو أخبرك رجل أن في ثوبك شيء من الأذى ، هل تغضب ؟

    بالطبع لا ، بل ستقوم بشكره على هذا التنبيه .

    ماذا لو أخبرك بخطأ في رأيٍ طرحته أو تغريدةٍ أو مقطعٍ صوتي أو مرأي ، هل تشكره ؟

    إن الآخرين لهم عيون يبصرون من خلالها أشياء ربما لا نراها نحن .

    إن وجهات النظر واسعة ولها زوايا متباينة ، فافسح المجال لغيرك أن ينظر لها من زاويته الخاصة .

    يجب أن نشجع الآخرين على إبداء الرأي بكل أدب وعلم ، ولو اختلف معنا في طريقة التفكير ، فنحن لا نملك السلطة على تفكيره .

    إن كبار الشركات العالمية ( مايكروسفت ، جوجل ، آبل ، سامسونج ) وغيرها ، لم تكن تلك الشركات لتنجح وتبدع في كسب السوق العالمي إلا بعد أن فتحت لنفسها فكرة قبول الرأي والنقد من موظف أو متابع أو متسوق ، وبإمكانك أن تقرأ كلمات مدراء تلك الشركات لتعرف هذا الفن الإداري .

    ومضة :

    من جميل القصص ، ما يُحكى أن رجلاً قال للخليفة عمر رضي الله عنه : اتق الله ، فكأن الناس غضبوا لهذا الرجل الناصح ، فالتفت إليهم عمر – الذي تربّى في مدرسة الرسول عليه الصلاة والسلام – وقال : لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نقبلها .

    يا ترى متى نخلع رداء الكِبر والعظمة الذي يلتفُّ حولنا ؟

    متى نعيشُ مع أهلنا ومع زملاء العمل ومع جماعة المسجد ونحن نملك قلباً واسعاً لسماع الرأي الآخر ؟

    يا أخي ، ليس بالضرورة أن يكون رأيك على صواب ، فمن أنت حتى تكون على صواب في كل شيء ؟

    نعم ربما تكونُ قريباً من الصواب ولديك خِبرات وتجارِب تؤهلك لأن تكون قليلَ الخطأ ولكنها لن تجعلك معصوماً .

    إن من سمات الكافرين التي حكاها الله عن قوم صالح ( ولكن لا تحبون الناصحين ) .

    إن من أصول الأحاديث النبوية وهي من أحاديث الأربعين النووية التي تلقاها الناس بالقبول ( الدين النصيحة ) رواه مسلم .

    إن مما بايع عليه جرير رضي الله عنه رسولَنا صلى الله عليه وسلم ( والنصح لكل مسلم ) رواه البخاري .

    إن الناظر في أخلاق الصحابة والعلماء على مر التاريخ يجد أنهم كانوا يتصفون بقبول النقد ويستمعون للرأي الآخر وينتفعون به ولا يجدون أيَّ حرج في التصحيح حينما يكون الرأي المطروح هو الصواب .

    إننا بشر ، والخطأ في فطرتنا ، خطأ مع الله، ومع الأقارب، ومع الزملاء .

    خطأ في العبادة، وفي الدعوة، وفي العلم، وفي كل شؤون الحياة .

    لقد علمتني الحياة أن أنصتَ للناقدِ أكثرَ من المادِح؛ لأن النقدَ وسيلةٌ لتصحيحِ المسار ، وهذا الذي أريد .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    ادفع بالتي هي أحسن

    0:00

    تأملات من قصة إسماعيل عليه السلام

    0:00

    قصة الطفل الذي لم يغرق

    0:00

    لا تكن من هؤلاء

    0:00

    أجمل الكلمات

    0:00



    عدد الزوار

    4174636

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة