• الاحد 22 جُمادى الأولى 1446 هـ ,الموافق :24 نوفمبر 2024 م


  • انتقاء الكلمات وتطبيقات معاصرة



  • في حياتنا نحتاج إلى جملة من الأخلاق التي تساهم في زرع المحبة في المجتمع الذي نعيش فيه ، 
    ولعل من أرقى تلك الأخلاق " انتقاء الكلمات " ، وأقصد به اختيار الكلمة الحسنة في تعاملنا مع الناس حتى مع أولئك الذين نختلف معهم عقدياً وفكرياً .

    وبين يدي بعض المواقف والقصص الرائعة :

    في قصة نوح عليه السلام مع قومه ، ( قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين ) ، يا ترى بماذا أجاب ؟

    هل قال : بل أنتم على ضلالة ؟ لا ، بل ( قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين ) ، إنه الأدب في الرد حتى على الكفار .

    وفي قصة هود عليه السلام ( قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين ) ، فكيف كان جواب هود عليه السلام ؟

    ( قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين ) .

    فانظر كيف كان جوابه بكل أدب ونقاء " ليس بي سفاهة " ولم يقل أنتم السفهاء والفجار .

    وفي سيرة إبراهيم عليه السلام يخاطب والده الكافر ب ( يا أبت ) في أربع مواضع كما في سورة مريم .

    وفيها من اللطف والرفق الشيء العجيب ، ولكن والده قابله بالسوء ( لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً ) فيا ترى كيف كان جواب إبراهيم عليه السلام ؟ ( قال سلام عليك ) .

    يا الله ، ما هذه الأخلاق التي تربى عليه الأنبياء ؟

    وفي حياة نبينا صلى الله عليه تجد عشرات المواقف التي تظهر لك علو أخلاق النبي وخاصة في كلماته الرفيقة .

    ومنها " لما مر عليه قوم من اليهود فقالوا السام عليك يا محمد " يعني الموت . فقال : وعليكم ، ولم يزد على ذلك بعبارات السب والشتائم مع أنهم يستحقون ، وصدق الله ( وإنك لعلى خلق عظيم ) .

    وفي سيرة عمر رضي الله عنه نجد نماذج رائعة ومنها :

    أنه مر على قوم عندهم نار يستدفئون بها ، فقال : يا أهل الضوء ، ولم يقل يا أهل النار ، حتى لا يكون في كلامه نوع من الوصف بأنهم من أهل النار .

    أليس هذا رقي في الكلمات ؟.

    وفي علم الجرح والتعديل في علوم الحديث تجد العجب من بعض الأئمة .

    فهذا الشافعي سمع رجلاً يقول عن راوي " فلان كذاب " فقال الشافعي : اكس ألفاظك أحسنها ، ألا قلت : فلان ليس بشيء .

    وفي منهج البخاري تقرر عند علماء الحديث أنه إذا قال " فلان سكتوا عنه " أنه يقصد لاتحل الرواية عنه ، ولم يقل البخاري : فلان أكذب الناس .

    وحتى يكون هذا السلوك منهجاً عملياً سوف أذكر بعض التطبيقات المعاصرة :

    - في كلامك مع زوجتك حاول أن تكون أرقى ، مثال :

    قل : لو سمحتِ اصنعي لنا شاي ، ولاتقل : اصنعي شاي، هكذا بلفظ الأمر.

    - حينما تقصر زوجتك في ترتيب البيت ، قل لها : سأساعدك في ترتيب البيت ، ولا تقل : أنت مهملة .

    - مع زوجك ، قولي : ماذا تحب أن تكون وجبتك هذا المساء لأصنعها لك . بادري أنت ، ولاتقولي : أحضر معك عشاء من المطعم .

    - مع صاحبك حينما يتأخر عليك في الموعد ، قل له : لعل لك عذر نلتقي في موعد آخر ، ولا تقل : أنت دائماً تخلف المواعيد .

    - مع زميل العمل حينما يخطئ في كتابة معاملة ، قل له : تعال لنصحح المعاملة ، ولا تقل : أنت لا تعرف كتابة المعاملات .

    - مع ولدك حينما لا يعرف يكتب الواجب المدرسي ، قل له : تعال لأرى دروسك ونتعلم مع بعض ، ولا تقل : أنت فاشل في كتابة الواجب .

    - حينما تنصح ذلك الذي يسمع الغناء ، قل له : إن الله يراك ولا يحب منك هذا العمل ، ولا تقل : أغلق الغناء أنت ما تخاف من الله .

    وهكذا تتعدد الفنون في اختيار الكلمات .

    وقد يقول قائل : أنا لم أتعود على انتقاء الكلمات ، وهذا صعب ونحن لم نتربى على ذلك .

    فالجواب :

    كل شيء يمكن التخلق به حينما نقتنع أنه مهم ، وحينما نبدأ في التغيير سوف نجد العون من الله تعالى ، وانظر في نفسك ، فهل تحب أن يكون أن يكون الناس متميزين في كلماتهم معك ؟ فلتكن متميزاً .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    كيف تقوي إيمانك

    0:00

    العلاقات الاجتماعية

    0:00

    الذكاء العاطفي

    0:00

    الإصلاح بين الناس

    0:00

    من صفات المتقين

    0:00



    عدد الزوار

    4977589

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة