يا شباب الاستقامة رويداً قبل الفتوى

عدد القراءات : 88

من البديهي أن يأتي العامة لذلك الشاب المستقيم ليسألوه عن بعض الأحكام.

ولكن ليس من المعقول أن يتجرأ ذلك الشاب على الكلام في الشريعة وهو لم يرسخ في العلم، ويفهم كلام العلماء، ويتصف بالحكمة في نقل الفتوى، ويكون خبيراً بالمصالح العامة للأمة، حتى لاينطق بكلمة ربما تضر السائل أو تضر بمجموعةٍ من الناس، وخاصةً في زمن سرعة انتشار الرسالة عبر مواقع التواصل.

إني لأستغرب كيف يتجرأ ذلك الشاب الذي يفهم في تفسير المنامات أن يتكلم في الأحكام الشرعية وهو لم يُعرف بأنه طالب علم ولم يجلس بين يدي العلماء على الأقل خمس سنوات.

وإني أتعجب من إمام مسجد يزدحم الناس عنده لأجل صوته، فتراه يفتي في كبار المسائل بالظن، ويمكن، وأتوقع، ولايعرف كلمة ( لا أدري ).

ولقد رأيت بعض الشباب يفتحون دروس في شروح المتون وهم في بداية الطلب.

إنها الجرأة على أبواب العلم قبل النضج والرسوخ، والغالب أن خطأ هؤلاء أكثر من صوابهم.

لقد سمعتُ بعض الخطباء يفتي في مسائل الزواج والطلاق، والذي أعرفه عنه أنه شبه عامي في العلم وأجزمُ أنه لم يقرأ كتاباً فقهياً كاملاً يحيط بجملة مسائل الفقه.

ياشباب، مهلاً، فالمجال صعب، والكلام في التحليل والتحريم يحتاج لسنوات من التعلم وليس دقائق عبر جوجل.

إن خدمة الإسلام ليست بالجرأة على الفتاوى وأنت لم ترسخ بعدُ في العلم عبر السنوات الطوال وملازمة الشيوخ ومطالعة الكتب.

إن هناك فرقاً كبيراً بين إلقاء كلمة وعظية أو خطبةٍ عن الصلاة، وبين الفتوى بأن هذا البيع حلال أو أن هذا الزواج باطل، أو بالتعليق على الأحاديث النبوية واستخراج الأحكام منها.

وفي نظرةٍ سريعة لمنهج السلف في الفتاوى تجد العجب في التأني، والإجابة بلا أدري، وكراهة الفتوى، والإحالة على الغير، وغيرها من أدلة التقوى عند الفتوى.

وختاماً؛ تمهل قبل الفتوى، وتأن في سماع السؤال قبل سرعة الجواب، فإن كنتَ تعلم بالجواب بكل يقين فأجب، وإن كنتَ متردداً فاعتذر.

ومضة: قال تعالى ﴿وَلا تَقولوا لِما تَصِفُ أَلسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفتَروا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذينَ يَفتَرونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لا يُفلِحونَ﴾ [النحل: ١١٦].

مواد آخرى من نفس القسم

أنا أخالفك في الرأي

حكم التراضي ولا حكم القاضي

الشيطان قد يفسد العلاقات

مكتبة الصوتيات