• السبت 18 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :27 ابريل 2024 م


  • مواعظ القلوب




  • الحمد لله الذي يحبُ القلوبَ الخاشعة، الحمد لله الذي يطلعُ على القلوبِ ويعلمُ تفاصيلها ، 
    والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان يملك قلباً خاشعاً .

    أما بعد ، 
    فإن الناظرَ في حياةِ بعضِ الناس يجدُ فتوراً عجيباً في الإيمان ، وتقصيراً في الاستعدادِ للقاء الله ، وصدقَ الله حينما قال: " اقتربَ للناسِ حسابهم وهم في غفلةٍ معرضون " .

    وإن تذكيرَ الناسِ بما يجددُ الإيمانَ ويرققُ القلوب من أعظمِ الأعمالِ التي تقربُ إلى الله .

    عباد الله ، أحضِروا قلوبكم ، وأنصِتوا بأرواحكم إلى شيء من المواعظِ التي تحركُ القلوب وتجعلها خاشعة ً لله علام الغيوب .

    ١- اليقينُ برؤيةِ الله واطلاعهِ علينا يجعلُنا في محاسبةٍ دائمةٍ لأعمالِنا وذنوبِنا ، ولقد تواترت الآيات بالتذكير بهذا الأصلِ الكبير ، يقول تعالى " ألم يعلم بأن الله يرى " ، ويقول سبحانه " وهو معكم أينما كنتم ".

    يا من غفلَ عن نظرِ الله ، متى تتعظ ؟ يا من ينامُ عن الصلوات ، أما تستحي من رؤية الله لك وأنت نائم عن مناجاته ؟.

    يا من يسهرْ على الأفلامِ المحرمة ، أين حياؤك من الله الذي لا تخفى عليه خافية ؟ يا من امتلأ قلبهُ بالحسدِ والحقدِ لماذا لاتطهر قلبك لعلمك بأن اللهَ يعلم مافي قلبك ؟.

    ٢- ومن مواعظ القلوب تذكر الرحلة من هذه الحياة .

    عباد الله ، إن القبورَ تستقبلُ العشراتِ يومياً ، وكلنا راحلون عن هذه الدنيا .
    نحن فوق الأرض وغداً نحن تحت الأرض ، وبعضنا في غفلةٍ عن الموتِ وما بعده "
    كل نفسٍ ذائقةُ الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة " ، إن البعض منا سيندمُ عند موته ويتمنى الرجوع لكي يستعد للآخرة .

    " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون . لعلي اعمل صالحاً فيما تركت  " .
    لعله يرجع ليحافظ على الصلوات ، لعله يرجع ليطهر بيته من قنوات السوء ، لعله يرجع ليبر والديه ويصل أرحامه ، لعله يرجع ليعيدَ الأموال المحرمة التي أخذها من الناس ، ولكن هيهات هيهات ، لا رجوع .

    إنه القبر الذي ربما يمتلأ عليه ناراً ، وكم حسراتٍ في بطون المقابر.

    ٣- ومن مواعظ القلوب : الإقبالُ على كتابِ الله ، القرآن يا معاشر الكرام .

    " وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً " ، إن بعضنا لا يقرأ القرآن إلا دقائق في الأسبوع ، بينما يقرأ يومياً مئات الرسائل والتغريدات ، وحالات الواتس والقروبات ، يا أخي متى تقتنع بأن قلبك فقيرٌ إلى كلام الله ، متى تشعر أنك مريض وأن علاجك في تدبر القرآن ؟

    إنك تعاني من الضيق والحزن والهم ، ولن يزولَ ذلك إلا بذكر الله ، " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " .

    لقد عاش السلف والأخيار في جنة الدنيا وحلاوة الإيمان لما كانوا مع القرآن في ليلهم ونهارهم ، وكان الواحد منهم يختم كل أسبوع ، وبعضهم كل شهر .

    يا من يريد سلامة القلب ، عُد إلى كتاب الله .

    ٤- الخوف من أهوال القيامة : " قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم . من يُصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين ".

    يا غافل إن أمامك يومٌ تشيبُ فيه الولدان ، ويفرُّ فيه المرءُ من أمه وأبيه ، إن الناس يقفون في ذلك اليوم خمسينَ ألفَ سنة ، إن الشمسَ تدنو من الناس ويظهرُ العرقُ عليهم على قدر ذنوبهم ، إن الرسل والأنبياء يقولون " نفسي نفسي ".

    ٥- ومما يرقق القلوب أيها الفضلاء ، أن نتفكر في النعيم الذي أعده الله لعباده الصالحين ، قال الله في الحديث القدسي : أعددتُ لعبادي الصالحين مالا عينُ رأت ولا أذن سمعت ، وتعالوا إلى بعض النعيم الذي ينتطر أولئك الأخيار :

    " إن للمتقين مفازاً " .

    " مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماءٍ غير آسن وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهارٌ من عسل مصفى ".

    " يُحلّون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ".

    "كذلك وزوجناهم بحور عين " .

    قال صلى الله عليه وسلم : إن للمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤ طولها في السماء ستون ميلاً .
    وقال : ما من شجرة في الجنة إلا وساقها من ذهب .
    وقال : الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة، حصباؤها اللؤلؤ وترابها المسك والزعفران.

    يا سعلة الرحمن لستِ رخيصة     بل أنتِ غاليةٌ على الكسلان
    يا سلعة الرحمن أين المشتري     فلقد عُرضتِ بأيسر الأثمان

    أين المتنافسون في جنة عرضها السماوات والأرض ؟
    قيل لبعض السف : شوقنا إلى الجنة ، فقال : فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    الجنة هي الفوز الكبير ، وهي الفوز العظيم ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، ولمثلِ نعيمها فليعمل العاملون .

    ---------

    الحمد لله .

    عباد الله ، وإن 
    مما يرقق القلوب " الخوفُ من الله " .

    إن بعضنا عنده أمانٌ كبيرٌ من عذاب الله ، وكأن الله لن يعاقبه في الدنيا ولا في الآخرة ، نعم ، نحن نحسن الظن بالله ولكن يجب أن نخشى عقابَ الله .

    يقول الله تعالى : " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم . وأن عذابي هو العذابُ الأليم " .

    ياعبدالله ، لقد بكى الأنبياءُ خوفاً من الله .

    في إحدى الليالي دخل بلال رضي الله تعالى عنه على نبينا صلى الله عليه وسلم وهو في ختامِ صلاة الليل فوجده يبكي فساله أتبكي يارسول الله وقد غُفر لك ماتقدم من ذنبك ىماتأخر ؟ فقال : أفلا أكون عبداً شكوراً .

    لقد كان أبو بكر يبكي في صلاته حتى إن الناس لايسمعون صوته من كثرة البكاء .
    لقد حفرتِ الدموع في خدّ عمر رضي الله تعالى عنه ، لقد سّجلَ التاريخ قصصاً عجيبة في خوفِ السلف من الله واتهماهم أنفسهم في جنب الله ، 
    وأنت يا مسكين ، مازلت في غفلتك وإعراضك عن الله .

    أيها الفضلاء ، بعضنا يُصرُ على كبائر الذنوب وما فكر يوماً ما أنه ربما يُلقى به في جهنم .


    يامن عاش على الشهوات ، إنك تسير في طريق يغضب ربك ، وقد تصيبك نفحةٌ من عذاب الله في نفسك أو أهلك أو مالك ، وقد يحيط بك عذاب القبر .

    عباد الله ، كلنا بحاجةٍ لمحاسبةِ النفسِ وتجديدِ التوبة ، والعودةِ إلى الطريق الذي يرضي الله ، إن السعادة في طاعة الله ، والخير كله في القرب من الله ، ومن أقبل على الله وجد من الله كل خير .

    إن الله في كل ليلة يبسط يده للمخطئين لعلهم يتوبون ، ثم يبسط يده في النهار لهم لعلهم يرجعون .

    الله هو الرحمن ، ورحمته وسعت كل شيء وهو القائل سبحانه : إن رحمتي سبقت غضبي ، فهيا بنا نعترف بذنوبنا ونقول كما قال أبونا آدم " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين ".

    اللهم اغفر لنا ذنوبنا ، اللهم أصلح فساد قلوبنا .
    اللهم وفقنا للعمل الصالح الذي يرضيك ويقربنا لك ياذا الجلال والإكرام .
    اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعله عمله في رضاك .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    عليك أربعة شهود

    0:00

    مناهي لفظية - 1

    0:00

    التعاون

    0:00

    خروج المهدي ونزول عيسى وقتل الدجال

    0:00

    وسطية أهل السنة في صاحب الكبيرة

    0:00



    عدد الزوار

    4162513

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة