• السبت 19 جُمادى الآخرة 1446 هـ ,الموافق :21 ديسمبر 2024 م


  • من فوائد الحسنات في الدنيا

  •  



    الحمد لله الذي جعل للإيمان ثمرات وفوائد يجنيها العبد في حياته الدنيا والآخرة، والصلاة والسلام على من أرشدنا إلى الإيمان وحثنا على الثبات عليه.

    أما بعد، 
    معاشر المؤمنين، إن من توفيق الله تعالى للعبد المؤمن أن يوفقه للأعمال الصالحة، ولكن ياترى هل القائم بهذه الأعمال يستفيد منها في حياته الدنيا أم أنها مجرد أقوال وأعمال لافائدة فيها ولا نعيم من ورائها ؟

    إنّ المتأمل في نصوص الكتاب والسنة يجد عدة فوائد للحسنات يحصل عليها المرء عند قيامه بها، ومن تلك الفوائد:

    - مضاعفة الحسنات إلى أضعافٍ كثيرة، وهذا مِن فضل الله وكرمه أن جعل الحسنات تتضاعف وأما السيئة فلا تتضاعف، قال تبارك وتعالى: " مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا ".

    بل بلغ من الكرم الرباني أن من همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله له حسنة، فإن عملها كتبها الله وضاعفها له، كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري.

    - ومنها: حصول طمأنينة القلب وانشراح الصدر، وهذا شيء يلاحظه الإنسان في نفسه، أنه كلما تقرّب المرء إلى ربه وجد الأنس والسرور، ومصداق ذلك في كتاب ربنا، قال تعالى : " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " .

    وعلى العكس من ذلك فكلما زاد المرء في السيئات زادته همومه وأحزانه، كما قال تعالى : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ".

    - ومن فوائد الحسنات: البركة في الرزق، وقد جاء في الحديث الصحيح " من أحب أن يُبسط له في رزقه و أن ينسأ له في أثره فليصل رحمه " رواه البخاري .
    فتأمل أن مَن جاء بصلة الرحم بارك الله له في رزقه وفي عمره، فكيف بمن جاء بأعمالٍ أخرى وحسناتٍ أكثر، لا شك أن الله سيبارك الله له ويزيده من فضله.


    - ومن ثمرات الحسنات: حفظ الله لصاحب الحسنات، وهذا واضح في الحديث الصحيح : احفظ الله يحفظك. رواه أحمد بسندٍ صحيح.

    والمقصود من الحديث: احفظ أوامر الله بالامتثال، واحفظ محارم الله بالانتهاء، والنتيجة: يحفظك الله، أي يحفظ لك دينك ويحفظ لك دنياك بل وصحتك وما تملك، بل إن من معاني الحفظ الرباني أن يحفظ أسرتك من كل سوء.

    - ومن فوائد الحسنات معاشر المؤمنين:

     الزيادة في الخير والهداية، قال تبارك وتعالى : " وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ "، وهذا أمر نلاحظه أن الحسنات ينادي بعضها بعضاً، وعلى العكس نجد أن السيئات ينادي بعضها بعضا.

    - ومنها : محبة الله تعالى، وقد جاءت النصوص بإثبات محبة الله تعالى لبعض الأعمال والأوصاف ، ومنها : " وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " .

    والآيات أكثر من أن تُذكر ، فالعاقل يحرص على أن يبادر إلى هذه الأعمال والأوصاف لكي يفوز بحب الله تعالى له، نسأل الله الكريم أن يجعلنا ممن فاز بحب الرحمن.

    - ومن ثمرات الحسنات:  تفريج الكربات والأزمات.

    ألسنا بحاجة إلى وسيلة تخفف عنا هذه المصائب؟ نعم.

    إن الحسنات التي حفظها الله لك ستنفعك عند ورود المصائب، قال تعالى : " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا " ، وقال جل وعلا " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً " وفي الحديث الصحيح " تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة " رواه أحمد بسندٍ صحيح.

    اللهم حقق لنا هذه الفوائد يارب العالمين.

    -------

    الحمد لله، أما بعد.
     

    - ومن ثمرات الحسنات معاشر المؤمنين توسيع أبواب الرزق.
    قال تبارك وتعالى: " ومن يتق الله يجعل له مخرجا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ".
    إننا نحتاج إلى المزيد من أبواب الرزق وخاصة في زمننا هذا المليء بالمطالب المالية، وتأتي التقوى لتضيف علينا جانباً كبيراً من جوانب الرزق الكريم من الرزاق جل وعلى.

    - ومنها: استجابة الدعاء، وهذه من الكرامات التي يمنحها الله تعالى لأصحاب الحسنات والقربات، وقد جاءت هذه الكرامة صريحة في الحديث القدسي المشهور: ( و ما يزال عبدي يتقربُ إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببتهُ كنتُ سمعهُ الذي يسمعُ به و بصرهُ الذي يبصرُ به و يدهُ التي يبطشُ بها و رجلهُ التي يمشي بها و لإن سألني لأعطينّه و لإن استعاذني لأعيذنّه )رواه البخاري.

    وهذه الاستجابة الربانية لأولئك الصالحين إنما كانت بسبب مداومتهم على الحسنات، كما في ظاهر الحديث ( ومايزال ) التي تفيد الاستمرار والمداومة .

    - ومن فوائد الحسنات : تكفير السيئات.
    وقد جاءت النصوص ببيان تكفير الحسنات للسيئات ومحوها له، قال جل وعلا: " وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ "، وفي الحديث الصحيح " واتبع السيئة الحسنة تمحها " رواه الترمذي بسندٍ صحيح.


    أيها الفضلاء، اجتهدوا في الحسنات لعل الله أن يمنحكم ثمراتها وفوائدها.

    اللهم تقبل منا وتجاوز عنا.



     


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    تأملات في سورة القمر - 1

    0:00

    رسائل من أب إلى ولده

    0:00

    باب جامع من كتاب عمدة الأحكام ( 3)

    0:00

    سورة يس

    0:00

    سورة لقمان

    0:00



    عدد الزوار

    5077596

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1608 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة