• الجمعة 17 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :26 ابريل 2024 م


  • يا رب



  • الحمد لله الذي يجيبُ المضطر إذا دعاه ، الحمد لله الذي يسمعُ الدعاء ويكشفُ البلاء ، والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل: " الدعاء هو العبادة ".

    أما بعد ، 
    فعلى مرِ التاريخ ، وفي كل بلاد العالم ، تتكرر كلمة ، هي أجمل الكلمات ، وأغلى العبارات ،كلمة تربطُ العبدَ الضعيف بالرب القوي .

    إنها كلمةُ " يارب " ، قالها نوح عليه السلام لما رفضه قومه وسخروا به ، " فدعا ربه إني مغلوب فانتصر " ، فماذا كان جواب الرب القوي العزيز " ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ، " ولقد نادنا نوح فلنعم المجيبون ".

    يارب ، قالها إبراهيم عليه السلام لما رموه في النار فماذا كانت النتيجة ؟ " قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ".

    يارب ، قالها أيوب عليه السلام لما اشتد به المرض وبلغ به التعب مبلغاً عظيماً ، " وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين . فاستجبنا له فكشفنا مابه من ضر ".

    قالها زكريا عليه السلام " رب لاتذرني فرداً وأنت خير الوارثين . فاستجبنا له ووهبنا له يحيى ".

    قالها يونس وهو بطن الحوت ، " فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . فاستجبنا ونجيناه من الغم ".

    يامن يعيش في ظلمات الهموم ، قل يارب ، فلعل الله أن يخرجك من تلك الظلمات إلى أنوار اليسر والسعادة والتوفيق ، " وكذلك نُنج المؤمنين ".

    يارب ، قالها موسى عليه السلام لما وقف أمام البحر " كلا إن معي ربي سيهدين " فجعل الله له البحرَ يابساً .

    يارب ، قالها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو في الغار وهو مطارد من المشركين حتى خشي أبو بكر عليه فكان الجواب النبوي " لاتحزن إن الله معنا ".

    يارب ، قالها ملايين على مر التاريخ ، فكم من مريضٍ شفاه الله وكم من عسيرٍ يسّره الله وكم من فقيرٍ أغناه الله وكم من مبتلى عافاه الله .

    معاشر الفضلاء ، كلنا بحاجة إلى الله في كل لحظة وفي كل حركة ، ولهذا أمرنا الله أن ندعوَه " وقال ربكم أدعوني أستجب لكم ".

    وقال " وإذا سالك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ".
    لقد كان من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم " ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث فلاتكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك ".

    إنه الافتقار الكامل لله تعالى ، إنه الشعور بالحاجة الى الله في كل لحظة .

    كلمة يارب ، يحتاجها ذلك المريض الذي أحاط به المرض من كل جانب .
    يحتاجها ذلك الذي تكاثرت عليه الهموم المالية ، وربما زادت حالته سوء وهدد بالسجن .

    قل " يارب " من كل قلبك لعلها تصعد للسماء فيقول الله قد أجبتك ياعبدي .

    يارب ،كلمة يحتاجها ذلك الذي لم يُرزق بذرية وقد تجاوز السنوات ولم يترك علاجاً إلا وسعى فيه ولم يترك مستشفى إلا ودخل فيه ، إن الله قادر أن يرزقك بالولد الصالح في لحظة واحدة ، " إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ".

    يارب ، قلها ولو كنت مقصراً مع الله ، فمن قال لك إن الله لايستجيب إلا لخواص عباده ، إن رحمة الله واسعة " ورحمتي وسعت كل شيء ".

    يارب ، قلها وأنت ساجد في آخر الليل حينما ينزل الرب ويقول " من يدعوني فأستجيب له له ".

    يارب ، قلها وأنت واثق كل الثقة بأن الله لن يخيبك ، قال صلى الله عليه وسلم : أدعو الله وأنتم موقنون بالإجابة .

    يامن تعسرت عليه معاملة هنا وهناك ، إن التدبير الكبير يأتي من مالك الملك وهو الذي يدبر أمر السماوات والأرض ، قل يامن يدبر الأمور ، دبّر أمري فإني لا أحسن التدبير .

    يامن يريدُ تركَ تلك المعصية وقد حاول مراراً في تركها ، عليك بالدعاء الصادق ، وقل يارب أنا أريد رضاك فأعني على ترك الذنوب .

    قل يارب ساعدني للخلاص من تلك المعاصي ، ووالله لو علم الله منك الصدق لرأيت من الله كل الخير ، إن كلَّ الصعاب تسقط عند قدرة الله ، إن المستحيلَ يتحققُ حيمنا يريدهُ الله .

    إن المرضَ الذي لاشفاء له يتهاوى عند قول الرب كن فيكون ، إن مليارات المخلوقات تجري بتدبير من الله ، والذي يدبر أمرها لايعجز عن تدبير أمرك يامن يسجد للهِ صباحاً ومساء .

    عباد الله ، إن هناك أوقات وأحوال جاءت الشريعةُ ببيان فضلها وأن الدعاءَ فيها مستجاب:

    ومنها :
    ١- السجود . قال صلى الله عليه وسلم : أقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء .
    ٢- بين الأذان والإقامة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " الدعاء بين الأذان والإقامة لايرد " ، فيامن يبكر للصلاة أبشرك بفضل هذا الوقت ، فأكثر فيه من الدعاء .

    ٣- ومن الأوقات الفاضلة " آخر ساعة من عصر الجمعة " ولقد تواترت النصوص بساعة الاستجابة وهي عندَ جمهورِ الصحابةِ وقول أكثر العلماء قبل المغرب .

    فاحرص على أن تفرغ نفسك قبل المغرب بربع ساعة وادخل للمسجد وصل فيه ركعتين وأكثر من الدعاء في سجودك ثم ارفع يديك بعد ذلك بالدعاء حتى الغروب ، وإن كنت في البيت فادع الله ولايشترط أن تصلي قبل ذلك .

    ٤- ومن الأوقات الفاضلة " قبل الفجر وهو الثلث الأخير من الليل ولقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في نحوِ ثلاثين حديث بأن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول " من يدعوني فأستجيب له ".

    اللهم اجعلنا من عبادك الخاشعين بين يديك .

    ----------

    الحمد لله .

    يا عبد الله ، 
    حينما تتأخرُ استجابةَ الله لك فلاتيأس ولاتقنط من رحمة الله ، واعلم أنك مأجور على دعاءك وربما صرف الله عنك من الشر مالم تتوقعه .

    ولعل الله يؤخرُ الاستجابةَ لك لحكمٍ عظيمة يعلمها " والله يعلم وأنتم لاتعلمون ".

    يا عبد الله ، إن الله قريبٌ منك ورحيمٌ بك وكل مايجري فهو خير لك " لاتحسبوه شراً لكم بل هو خيرٌ لكم " فكن مطمئناً لكل ماينزل بك من أقدار ، واعلم أن السعادة الكاملة هي في جنات الخلود .

    إن الدنيا دارَ البلاء والنقص ، ونحن نتقلب فيها في كل يوم بين فرحٍ وحزن وضحك وبكاء وغنى وفقر ، ولكن مادمنا نملك سلاح الدعاء فنحن بخير .

    يارب أنت العليم بهمومنا وأمنياتنا ، أنت المطلعُ على تفاصيلِ طموحاتنا وأنت القادر على تحقيقها .

    اللهم يسر لكل واحد منا مراده ، وحقق له مطلبه .
    اللهم إن الخلق لايقدرون على بعض مطالبنا ولكنك تقدرُ على كل مطالبنا .
    يارب نحن واثقون بك ، متوكلون عليك ، وقفنا عند بابك ، رفعنا إليك الحاجات .

    اللهم لاتردنا خائبين ، ولا عن بتب مطرودين .
    يامن يرانا في هذه الساعة ، استجب لدعواتنا التي اختلجت في صدورنا .

    اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
    اللهم أدم على بلادنا وبلاد المسلمين الأمن والإيمان .

    اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى .
    سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين . 


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    تلاوة من سورة ق

    0:00

    المحرمات المالية

    0:00

    العبادة وبداية الدعوة

    0:00

    تأملات في سورة الحديد - 4

    0:00

    تأملات من قصة هود عليه السلام

    0:00



    عدد الزوار

    4159226

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة