• الاثنين 21 جُمادى الآخرة 1446 هـ ,الموافق :23 ديسمبر 2024 م


  • التحفيز من أسباب النجاح



  • في مجتمعاتنا على تفاصيلها وأنواعها صغيرها وكبيرها نحتاجُ إلى كلِ وسيلةٍ تساهم في الرقي والتميز ، ولعل من أفضل الأساليبِ التي تدفعُ بنا أفراداً ومجموعات هو استخدامُ وسيلةِ التحفيز .

    وحتى تتضحُ الصورة ويتبينُ المقصود فإن المراد بالتحفيز هو تفعيلُ من حولك وتشجيعهم على العمل الذي يقومون به .

    وهذا التحفيز سرٌ من أسرارِ نجاحِ البيوتِ والشركاتِ والمؤسساتِ وغيرها من بيئات العمل .

    إن التحفيز منهجٌ رباني، فالله حفّزنا للأعمال الصالحة وبين لنا فضائلها وشوقنا لما بعد موتنا من نعيمٍ في القبر ونجاةٍ يوم الحشر ، وبعد ذلك جنةٌ عرضها السماواتُ والأرض ، أليس هذا تحفيز ؟.

    وفي سنة نبينا صلى الله عليه وسلم عشراتٌ من الأحاديثِ التي فيها التحفيزُ للأعمالِ الصالحة والأخلاقِ الحسنة وماذلك إلا لتحفيزِ النفوسِ وتشجيعها على القيام بها ، ولقد تكلمَ علماءُ النجاحِ والإدارةِ والقيادةِ إلى ضرورةِ استخدامِ التحفيز في التعامل مع الموظفين .

    أيها الفضلاء ، ونحن هنا نتكلمُ عن التحفيزِ بشكلِ عام ، فتعالوا معي التفاصيل :

    أولاً : التحفيزُ في داخل البيت :
    أنت أيها الأب لماذا لاتغير أسلوبك مع أولادك ؟ نريدك تثني على أولادك بدل أن ترمي عليهم بعباراتِ الفشل والسب والشتم ، يمكنك أن تثني على ابنتك على إعدادها لتلك السفرة أو لترتيبها لغرفتها أو لعنايتها بدراستها .

    أيها الزوج وأنت مع زوجتك نذكرك بالتحفيز والثناء ،كم من كلمةٍ قليلةِ الحروف صنعتِ الحب وزادته في قلبِ زوجتك .

    زوجُتك تنتظرُ ثناءك على تفاصيلَ دقيقة في حياتها معك ، إن هذا الكلام ينمي الحب ويقوي شجرته في قلبِ زوجتك .

    وأيضاً نحن الرجال نحتاجُ إلى التحفيز من زوجاتنا ، إن الرجلَ يتعب ويكدح من أجل لقمة العيش وخدمةِ أهله فياترى ماذا يضيرُ تلك الزوجة أن تشكرهُ على مايقدمه لها ولأولادها ، إن زوجاتنا قد يغفلن عن حاجتنا لكلمةٍ طيبة لعلها تمسحُ منا عرقَ الحياةِ ونصبها .

    ثانياً من جوانب التحفيز : بث روح الأمل في نفوس المرضى :

    نعم أيها الكرام ، إن المريض يشعرُ بنوعٍ من الحزن والأسى ولعله يعاني من هجر بعضِ الناسِ له ولعل مرضهُ من النوعِ الذي يحتاجُ لعلاج طويل .

    فما أجمل أن نحفز المريض ونقوي عزيمته ونذكرهُ بجميلِ صبرهِ ونشجعهُ على الثبات على الإيمان والرضا بالله تعالى .
    يامن لديه مريض ، ابتسم مع مريضك ، وأخبرهُ بقصصِ الذين شفاهم الله، وحدثه عن فضائل الصابرين وأنهم ممن يحبهم الله وأن الله يقول " وبشر الصابرين ".

    اجلس مع مريضك وأنت مسرورٌ ، وافتح له بابَ الأمل وادع له .

    أحضر له كتاباً عن السعادة ، وافتح له بعضَ المقاطع الصوتية والمرئية التي تضيءُ طريق الحياةِ بالخير والتفاؤل ، والزيارةُ للمريض هي نوع من التحفيز النفسي .

    أخي المبارك ، إن المريض الذي يعيشُ بيننا في أمس الحاجة للزيارة ولهذا جاءت النصوص بفضل زيارة المريض ، قال صلى الله عليه وسلم : مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَو زَارَ أَخًا لَهُ فِي الله، نَادَاهُ مُنَادٍ: بِأَنْ طِبْتَ، وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأتَ مِنَ الجَنَّةِ مَنْزلاً . رواه الترمذي وابن ماجه بسند حسن.

    أيها الكرام ، إن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل الصالح ، وفسرها بالكلمة الصالحة الحسنة . والحديث رواه البخاري ، قال العلماء : جعل اللهُ في فطرة الناس محبةَ الكلمةِ الطيبة والأنس بها كما جعل فيهم الارتياح بالمنظر الأنيق والماء الصافي .


    ثالثاً : ومن جوانبِ التحفيزِ في حياتنا : تحفيزُ الدعاة ومعلمي الحلقات وطلابُ العلم .
    إن أمتنا لاترتقي بلا دعوة وبلا علم وبلا قرآن ، فيا ترى ماذا يضيرك ياعبدالله حينما تتعامل مع ذلك الداعية بكلِ لطفٍ وشكرٍ وثناء .

    كم من داعية يرحل هنا وهناك من أجل تبليغ دين الله ونفع الناس ، ومع ذلك يبخل الواحد منا بكلمةٍ طيبة يبعثها لذلك الداعية .

    يا أيها المصلي إن ولدك يدرسُ في تلك الحلقة فياترى هل فكرت يوماً ما أن تشكر ذلك المعلم الذي يعلمُ ولدك القرآن ؟

    هل خطرت ببالك فكرة أن تُهدي معلمَ القرآن هديةً بسيطة تعبرُ فيها عن مشاعرك تجاه هذا الصنف الطاهر من المجتمع .

    إن كلمةً طيبة لذلك المعلم كفيلةٌ بأن يزدادَ المعلمُ اجتهاداً مع ولدك ومع كل الطلاب لديه .


    رابعاً : ومن جوانب التحفيز في مجتمعاتنا : التحفيز في قطاعاتنا الحكومية :

    فإن سألت عن التحفيز في دائرةِ العمل ومع من تحتَ إدارتك فهذا بابٌ واسع لاحدود له ، يمكنك أن تقوي من همةِ الموظفينَ لديك من خلال هديةٍ تقدمها لبعضهم في مناسبةٍ عابرة .

    يمكنك تحفيزَهم من خلالِ الخروج معهم في نزهةٍ يغلبُ عليها جوُ المرح واللعب لا جو الجدِ والعمل ، ويمكنك تحفيزُ الموظف الذي لديك عبر  علاوة سنوية ، أو ثناءٍ له بين زملائه ، وكما قيل : امدح موظفيك في العلانية وعاتبهم في السر .

    أيها المدير ، إن أسلوبَ الإهانة وجرحَ المشاعر يقلل من جوانب الإبداع لدى موظفيك وربما خسرت أنت ذلك الموظف الذي كان بالإمكان أن تكسبهُ لصفك .
    إن بقاء إدارتك ومشروعك عالياً هو عن طريقِ موظفيك ، فلماذا تتجاهل فنونَ التعاملِ معهم ؟ إياك أن تفكر في نفسك وتنسى أن الناس لهم مشاعر ولهم حقوق .

    أيها المدير ، إن ابتسامتك لمن حولك وإشاعةَ السلام وزيارة الموظفين في مكاتبِهم والتفاعلُ مع همومِهم يساهمُ في رفعِ المعنويات لديهم مما يدفع بإدارتك نحوَ الكمال والتميز .


    خامساً : ومن جوانبِ التحفيزِ لدينا " التحفيزُ في مناصحةِ الناس ".

    ذلك الداعية يمكنه أن يكونَ سبباً في هداية الناس من خلالِ زرع الجوانب الحسنة في نفوس المدعوين ولو كانوا في الظاهر من المخالفين ، ولعل من القصص الجميلة هنا مارواه البخاري في قصة شارب الخمر الذي كان يؤتى به ويجلد عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي أحد الأيام قام أحد الصحابة وتكلم عليه ، فنهره النبي صلى الله عليه وسلم وقال : لاتلعنه فإنه يحب الله ورسوله .
    عجيب والله أن يكون شارب الخمر ممن يحب الله ورسوله .


    نعم أيها الداعية ، يا أيها الناصح ، رفقاً بالناس ، واستخدم التحفيز والثناء الإيجابي للآخرين .

    إن عمومَ الناس لديهم حبٌ لله ولرسوله وفيهم خير كثير ولكنّ نفوسهم قد تضعف عن الخير وتقع في المعصية والواجبُ عليك هو إنقاذهم من بحار الذنوب بكل لطف .

    ومن جوانب التحفيزِ الضروية : التحفيز والثناء مع الطلاب .

    أيها المعلم ، إن الطالبَ الذي بين يديك ربما كان من الأذكياء فياترى لماذا لاتلقي عليه كلماتِ التشجيع ؟ لماذا لاتهمس له بحروفِ الثناء على ذكاءه أو على حسن جوابه ؟


    وإن من أعظم جوانب التحفيز في حياتنا : التحفيزُ الذاتيُ لنفسك :

    اسمح لي يا أخي أن أقولَ لك : حفّز نفسك واعتن بمشاعرك الداخلية لكي تحقق أهدافك ، وإياك والشعورُ باليأسِ والتشاؤم مهما نزلت بك المصائب والهموم .

    مهما أحاطت بك الأحزان ، فلا تغلق باب الأمل ولاتردد عبارات الفشل .

    انهض من مكانك ، واستعن بربك ، وقل لنفسك أنا سأقوى على مواجهة هذا الألم ، أنا سأنجح في حياتي ، أنا سأغيرُ ذاتي للأفضل ، أنا أحسنُ الظن بربي وهو مولاي ولن يخيبَ أملي .

    يا أخي ، لاتجعل عباراتِ الناسِ الموجهةِ لك سبباً في تقاعسك عن التقدم نحو النجاح وتحقيق الطموحات .

    لا تلتفت لصيحات الجاهلين ، وكن كما قال ربك جل وتعالى: ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) ، ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ).


    وخلاصةُ الكلام : حفّز الآخرين بكل ماتقدر عليه ثم حفّز نفسك ، وهكذا تصل أنت والآخرين لمنازل النجاح .

    اللهم يسرنا للنجاح والرقي في ديننا ودنيانا .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    تأملات من سورة الدخان - 1

    0:00

    يا صاحب الهم

    0:00

    تلاوة من سورة ق 38-45

    0:00

    وقال قرينه..

    0:00

    الإحسان إلى الناس

    0:00



    عدد الزوار

    5080587

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1611 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة