• الجمعة 19 رَمَضان 1445 هـ ,الموافق :29 مارس 2024 م


  • محرمات تساهل فيها بعض الناس




  • إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .

    أما بعد ، فلاشك أُخي أنك تتألم حينما ترى تلك الجراحات التي نزلت بأخيك ، ولكن مما يريحكَ أن حدودَ تلك الجراحات أن يكونَ علاجُها بضماداتٍ ويزولُ أثرُها بعد ساعات أو أيام .

    ولكنّ الألمَ الكبير هو في تلك الجراحات التي تصيبُ قلوبَنا وأرواحنا، جراحاتٌ مؤلمة ، تنقصٌ إيماننا ، تقضي على سعادتِنا ، تجلبُ لنا قسوة القلب وضيقه .

    قال صلى الله عليه وسلم " إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتةً سوداء ".

    وهذه الجراحات والآثام تؤخرك عن الدرجاتِ العالية ، وربما أوقعتك في الجحيم والهاوية ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ) .

    أيها الفضلاء ، إن القلب لايطمئنُ إلا بطاعةِ الله ومحبته والقرب منه ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) .

    حياةٌ طيبه في قلبه ، وفي بيته ، وفي ماله ، وفي مستقبله ، فاللهم ارزقنا تلك الحياةَ الطيبة يارب العالمين .

    معاشر المسلمين ، سوف آخذكم هذا اليوم إلى بعضِ الجراحاتِ التي تساهلَ فيها بعضُ الناس ، نتدارسُ ذلك لكي نحذرَ منها ونحذِّر منها :

    فمن تلك الجراحات : تأخيرُ الصلاةِ عن وقتها .

    لازلنا نسمع ونشاهد من يتأخر عن الصلاة ، فهذا يصلي الفجر بعد طلوع الشمس أو لعله يصليها مع الظهر، وآخر ينام عن العصر ويصليها عند الغروب .

    زارني أحدهم وقال : أنا أسهر وأواصل حتى لا أتأخر عن الدوام ، فإن رجعتُ نمت قبل الظهر حتى بعد المغرب ، فتفوتني صلاة الظهر والعصر والمغرب .

    تعجبتُ من ذلك ، وكيف أصبحت الصلاة بهذا القدر عند بعض الشباب هداهم الله .

    ياعبدالله ، إن تأخيرُ الصلاة عن وقتها من المحرماتِ التي جاءتِ النصوصُ بالتحذير منها ، قال تعالى: ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) ، وقال صلى الله عليه وسلم: " الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر اهله وماله " أي كأنما فقد أهله وماله .


    عباد الله ، إن 
    مما يؤلمك أيضاً أنّ هناك وللأسف من يغيبُ عن صلاةِ الجمعة ، وهذا له وعيدٌ خاص وعقوبةٌ عاجلة ، قال صلى الله عليه وسلم: " من ترك ثلاث جُمع تهاوناً طبع الله على قلبه ".

    يامن يفرط في صلاته ، إنّ أول مايسألك الله عنهُ يومَ القيامة هو صلاتك فاتق الله فيها، إن آخر وصيةٍ لرسولنا وهو في سكرات الموت " الصلاة الصلاة ".

    يا ترى متى تتوب من تفريطك في الصلاة ؟ متى تترك الكسل ؟ متى ترتقي لمراتب الجد في المحافظة على الصلاة ، متى تكونُ الصلاة هي أهمُ شيءٍ في حياتك .

    ومن الجراحات ؛ النظرُ للنساء الأجانب .

    وهذا المنكر انتشر في زمننا بسبب كثرة الصور التي نراها للنساء ، فهذا الجوال بين يديك وتلك المواقع والمقاطع التي تُعد بالمئات التي تعج بالصور .

    أخي ، ياترى متى تترك تلك النظرات ؟ متى تغض بصرك عن النساء ؟ ألم تسمع قولَه تعالى: ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) .

    إنه أمرٌ رباني لك أيها العبد الضعيف، أوما سمعت بقول نبيك صلى الله عليه وسلم: " يا علي لا تتبع النظرةَ النظرة " ، أو علمتَ بأن العينَ تزني وزناها النظر .
    يا أخي ، إن النظر للنساءِ في القنوات وفي مواقع التواصل وفي الأسواق يجلبُ لك الآثام ، ويقسي القلب ، ويُظلم الروح ، ويملأ القلبُ حسرةً وندامة .

    اسأل ذلك الذي قد غضّ بصرهُ عن الحرام، اسأله عن حلاوةِ الإيمان ولذة العفاف، اسأله عن اجتماعِ قلبهِ على الله وأنسهِ وسرورهِ مع ربه .

    يامن أطلق بصره هنا وهناك ، يكفي .

    كل الحوادثِ مبداها من النظر         ومُعظمُ النارِ من مُستصغرِ الشررِ
    كم نظرةٍ فتكت في قلبِ صاحبها      فــتكَ السهــامِ بـــلا قوسٍ ولاوترِ
    يسرُّ مُقلته ماضرّ مُــــهجته           لا مرحباً بسرورٍ عــادَ بالضررِ

    ومن الجراحات التي تساهل فيها بعض الناس ؛ قطيعة الرحم .

    لا زلنا نسمع ياكرام عن ذلك الابن الذي هجر والده ، وتلك البنت التي قطعت صلتها بوالدتها ، وذلك الأخ الذي ترك زيارة أخيه نتيجةً لخلافٍ ماليٍ تافه ، وهذا الأب الذي قطع الصلةَ بأولاده ، والأمثلةُ لاحصرَ له في قطيعة الرحم، أما علم هؤلاء بإثم القطيعة .

    لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة قاطع " ، لقد قال الله للرحِم: " ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطعُ من قطعك ".

    فيا أخي أُذكرك بالرحِم ، عُد إلى من قطعته ، وصل رحمك ، واحذر من نزغات الشيطان ، ولا تحرم نفسك بركةَ الرزقِ والعمرِ والمالِ والخيراتِ بسبب قطيعتك .

    ومن الجراحات ولكن عند النساء ؛ التساهل في لباس النساء أمام النساء .

    اتصلت بي إحدى الأخوات تشتكي من لبسِ النساءِ أمام النساء في مشاهد يستحي المرءُ أن يتحدث عنها .

    أيها الرجال ، الله الله في تذكير نسائكم باللباس المحتشم الذي يرضي الله .

    إن المرأة الصالحة يمكنها أن تلبسَ الجميل وفي نفس الوقت هو الساتر الذي يحافظ على دينها ويدلُ على حيائها .

    إن التعري والتكشف دليلٌ على ضعفِ الإيمان وقلةِ الحياء وتشبهٌ بالكافرات والفاجرات .

    إن بناتك يشاهدن والدتهن في هذا اللبس ، وهذه مشكلةٌ كبيرة أن تكونَ أمهم من المتبرجات والسافرات ، إن بناتك يقتدين بوالدتهن ، وحرامٌ على تلك الأم أن تكون قدوة سيئة لبناتها بسبب ذلك التعري .


    ومن المحرمات التي تساهل فيها البعض " الغش في البيع والشراء "؛ وهذا له صور كثيرة :

    هذا يغشُ في بيعِ السيارة ويُخفي عيوبها عن المشتري .
    وهذا يغش في بيع المأكولات وفي أسعارها .
    وهذا يغش في بعض البضائع فيزعمُ أنها ذات الجودة العالية ولكنها ليست كذلك .
    وهناك عشرات الصور التي يمارسها بعض الباعة في الغش لأجل كسب المال؛ ياهذا " من غشنا فليس منا ".

    إن المالَ الذي تكسِبهُ من الغش مالٌ حرام وسحت والويل لك من عواقبه قال صلى الله عليه وسلم: " كلُ جسدٍ نبت من سحت فالنار أولى به ".

    إنك مسؤول يوم القيامة عن مالك من أين اكتستبه وفيم انفقته .

    ياأيها البائع لايُلهيك حُبُ جمعِ المال عن البحث عن الطرقِ الشرعية في كسبه، ولا تجعل رزقك يُبنى على الحرام ، ولا تُطعم أسرتك الحرام .

    إن المالَ الحرام يمنعُ استجابةَ اللهِ لدعاءك ، ويحرمكَ من البركة ، ويفتحُ لك أبواباً من الخساراتِ المالية ولو بعد حين .

    ومن المحرمات في البيع والشراء ؛ بيع الدخان .

    وهذا مما يؤسفُ له ، مع أن صاحب ذلك المحل يعلمُ علمَ اليقين بحرمته ، وضررهِ على الناس وخاصةً الشباب إلا أنه يبيعه في محله .

    ياهذا ، نذكرك بالله تعالى ، ونخبرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ".

    إن بيعك للتدخين يدخلُ لجيبك المال الحرام الذي يضرك في دنياك وآخرتك ، ياهذا ، إن منعك لبيع الدخان يتسبب في تقليل المدخنين بلا شك، ويساهمُ في وجودِ مجتمعٍ نقي من تلك السموم .

    يا أخانا ، إن رزق الله واسع ، وبيعُ التدخين ليس هو بوابُتك للرزق كما يزعمه البعض حينما يقول : أريد الزبائن .

    يا أخانا إنك حينما تترك بيع التدخين لأجل الله فنبشرك بأن الله سيعوضك برزقٍ أحسنَ منه ، وهذا مجربٌ عند كثيرٍ من المحلات حتى الكبار منها .

    اللهم وفقنا للطاعات وجنبنا المحرمات والسيئات .

    ------

    الحمد لله وكفى .

    لازلنا أيها الفضلاء نتعلم بعض الجراحات التي أصابت بعض الناس؛ ومنها : التساهل في أداء الأمانة في أموال الدولة :

    إن من الموبقات أن تسمع من يغش في الأموال التي تحت يديه من أموال بيت المال ، فهذا في مؤسسةٍ تتعاقد معها الدولة فيغشُ في المبالغ ولايؤدي العقدَ المطلوبُ منه، فيترتبُ على ذلك سرقتهِ للمال وعدمِ تنفيذهِ للمشروع الذي طُلب منه .

    وهكذا تنتج لنا مشاريعُ ناقصة أو وهمية ولم ينفذ منها شيء ، وهذه خيانة للأمانة التي وكلكَ الله عليها وخيانةً للعقد الذي تمت شروطه مع ولي الأمرِ أو نائبه .

    ولازالت الدولة تُحذر من الفسادِ في العقودِ والمشاريع وتضعُ العقوبات على من يتساهل في ذلك .

    فيا من تحمّل ذلك العقد وتلك المؤسسة وذلك المشروع نذكركَ بالخوفِ من الله وأن تعلم أنك مسؤول أمام الله عن تلك الأموال التي سرقتها من بيتِ مال المسلمين .

    كم من مشروعٍ تربوي وتعليمي وخدمي وصحي واجتماعي وغير ذلك كنا سننتفع به لو أنك قمت به على الوجه المطلوب .

    إن ولاةَ الأمر وثقوا بك وبمن تحتك فكن على قدر المسؤلية، واعلم أن المال الذي جمعته من طريق الغش والتحايل سيملأ قبرك ناراً .

    خذ هذا الحديث : في غزوة خيبر رجع الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه الصحابة وقد غنموا ملابس ومتاع وكان في الصحابة رجلٌ متميزٌ بشاجعته ولكنه قُتل في نهاية المعركة ، فقال الصحابة : هنيئاً له الجنة .
    فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : إن الشملةَ التي أخذها لتشتعل عليه ناراً .

    الشملة: هو ثوبٌ وكساء أخذه هذا من الغنائم بدون علمِ الرسول صلى الله عليه وسلم .

    يا سبحان الله ، هذا أخذ ثوباً من أموال المسلمين فعُذب في قبره مع أنه من المجاهدين مع رسول الله ، ومع ذلك عذّبه الله في قبره، فماذا نقول لمن أخذ أموال المسلمين في تلك العقود والمشاريع الكاذبة ؛ إن قبره سيشتعل عليه نيراناً وليس ناراً فحسب والله المستعان .

    اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى .

    اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    أحكام صلاة العيد

    0:00

    مرض الأمم

    0:00

    تأملات في سورة الصف

    0:00

    تلاوة من سورة التوبة 38-40

    0:00

    مآسي المخدرات

    0:00



    عدد الزوار

    4101282

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 90 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1590 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة