• الثلاثاء 28 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :07 مايو 2024 م


  • 16 ومضة للدعاة الشباب

  •  

    مما يسرنا ويسر كل مؤمن ظاهرةٌ بدأت منذ زمن وهي " الملتقيات الشبابية الدعوية " في المنتزهات وفي الأحياء وعلى الأرصفة وعلى الشواطئ.

    ولا شك أن النزول للشباب في أماكن تجمعاتهم مما يساهم في دعوتهم بشكل مباشر ومؤثر، والمهتدين والمنتفعين كثر بحمد الله بسبب تلك البرامج؛ لأن بعض الشباب لا يحضرون المساجد ولا يسمعون الكلمات الدعوية، فحينما ننزل لميادينهم ونجلس معهم ونخاطبهم وجهاً لوجه يسمعون منا تلك الكلمات التي ربما لأول مرةٍ يسمعونها.

    وبما أن الدعاة لتلك الفئات في الغالب أنهم من فئة الشباب الصالحين، أحببت أن أهمس لهم همسات تضيء لهم منارات على الطريق:

    1 - لا بد من تجديد النية لوجه الله تعالى، قال تعالى : ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) والحذر من مزالق الشهوة الخفية في محبة الشهرة والأضواء والكاميرات، ونحن بشر تنتابنا خطوات الشيطان ومزالق النفس الأمارة بالسوء.

    2 - ما أجمل استشارة العلماء والشيوخ الذين سبقوك بالدعوة، واحذر رعاك ربي أن تتفرد برأيك في إقامة برنامج تربوي أو منهج دعوي بحجة معرفتك بواقع الشباب، وإذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم يأمره الله أن يمارس الشورى لأصحابه ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) فكيف بنا نحن؟

    3 - لا تكثر من الهزل والضحك الذي يجعل موعظتك مهرجاناً للضحك، وبإمكانك أن تدخل السرور والبسمة اللطيفة بطريقة حكيمة لا تضعف شخصيتك ولا تزدري كلمتك، فكن متميزاً بالاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم الذي لم تكن دعوته قائمةً على النكت والضحك فقط، ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ).

    4 - لا تُحرج الناس وتطلب منهم التوبة أمامك وأمام الجمهور، وإحضار المخدرات والسجائر، لأن هذا كشف لستر الله عليهم وإظهاراً لمعاصيهم " ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ".

    وربما انتشرت الصور عنهم ورآها أقاربهم وغيرهم مما لا يعلم عنهم تلك الذنوب، وهذا المنهج لم يكن على هدي رسولنا عليه الصلاة والسلام ولم يفعله خيار الناس من الدعاة على مر الزمن، ولاتكن مقلداً لبعض من سبقك في هذا، فالعبرة بالأصوب والأقرب للحق.

    5 - القصص وسيلة مهمة، ولكن لا تبالغ فيها وتزيد فيها ما ليس منها، وأوصيك أن تقتبس من قصص الأنبياء ثم قصص الصالحين والدعاة الربانيين، وخذ من القصص الواقعية، ولكن احذر القصص التي تخالف العقل والمنطق، قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : " إنك لن تحدث قوماً بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ".

    6 - يجب التفريق بين إلقاء كلمة في مخيم شبابي وبين إلقاءها في مسجد؛ فلكل مقام مقال.

    7 - حذار من الكلمات التي تخدش الحياء وتجرئ السفهاء على الدعوة والدعاة.

    8 - احرص على التواصل مع المكاتب الدعوية الرسمية في مدينتك لكي تكون برامجك تحت الغطاء الدعوي الآمن الذي يحفظك من المساءلة لاحقاً من أي جهةٍ أخرى.

    9 - ادخل دورات تدريبية لتساهم في تطوير برامجك ومهاراتك الدعوية.

    10 - لا تحتقر جهود الآخرين من طلاب العلم والدعاة في المجالات الأخرى، فالكل على خير، والجميع في خدمة الدين ونفع الناس.

    11 - رتب وقتك، ولا تجعل حماسك الدعوي يفقدك مبدأ الأولويات، ولا تغفل عن دراستك إن كنت طالباً أو وظيفتك إن كنت موظفاً، ولا تهمل حقوق أسرتك بحجة أسفارك الدعوية واللقاءات الشبابية.

    12 - استفد من الدعاة الآخرين واقتبس من خبراتهم وتجاربهم التي تنفعك في مشوارك الدعوي.

    13 - بعض المواقف التي تصادفك تستحق أن تكتب وتنشر للناس " قصة مؤثرة لها دلالات عجيبة " فاستعن بالله واكتب تلك القصص بأسلوب شيق وانشرها في المواقع النافعة ليستفيد الناس منها، وإن كنت تجد ضعفاً في الكتابة والأسلوب فأخبر بعض الدعاة بها لعلهم يكتبونها أو تكون زاداً لهم في محاضراتهم وخطبهم.

    14 - توثيق أعمالك الدعوية أمر جميل، بالتصوير والتسجيل ولكن لا تنشر كل ذلك شيء ترى أنه مناسب للنشر.

    15 - لا تغضب من النقد البناء، فكلنا نخطئ، ومن لا يخطئ فلن ينجح، واستفد من كل ملاحظة لتتفاداها مستقبلاً، ولا تظن أن كل ناقد حاسد ، فربما كان من المحبين لك الراغبين في تميزك ولكنه رأى خللاً عندك من وجهة نظره.

    - مشاهدات :

    ١- بعضهم يبالغ في تصوير كل لحظة في حياته وكل مكان ومع كل شخص وينشر ذلك رغبةً في زيادة المتابعين في مواقع التواصل، وأصبح التصوير عنده هاجساً كبيراً، وربما تأثرت نيته بذلك وهو لا يشعر، وربما أصبح ممن يتكاثر بعدد متابعيه والمعجبين به، ولاشك أن هذا لا يليق بالدعاة الصادقين .

    ٢- وآخرون تصدروا للتوجيه في القنوات بمجرد مرور سنة على توبتهم، ونحن نعلم أن التوجيه مسألة مهمة لا تكون إلا لمن جمع بين العلم والخبرة ومعرفة الناس وكان حكيماً في توجيهاته، ولقد تعجبت من أحدهم في لقاء تلفزيوني يتحدث عن القضايا الأسرية بشكل غريب، مع أن ذلك يحتاج لمستشار أسري قضى حياته في الدراسات والبرامج التربوية.

    ٣- وآخرون يطيلون على الناس الوعظ بحجة أن الناس يستمعون لهم، ولا شك أن الاقتصار في الوعظ والنصح هو المنهج النبوي.

    ٤- وآخرون يذكرون في كلماتهم أسماء المغنين وبعض الأغاني بشكل لا يناسب الوضع الدعوي الذي يقف فيه.

    ٥- وبعضهم قد يقرأ الآيات بشكل غير صحيح ويلحنُ فيها، وبعضهم يذكر أثناء كلماته بعض الأحاديث الضعيفة نتيجة الجهل بها.

    ٦- وآخرون يتحدثون في الحلال والحرام بشكل جريء وهذا لا يجوز ، وقد حذرنا الله فقال: ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ )، والواجب الحذر من مزالق الإفتاء إلا بعد قضاء فترة في طلب العلم وملازمة العلماء.

    واجبنا تجاه الدعاة الشبابيون :

    1 - الدعاء لهم لأنهم من الدعاة إلى الله وممن يبذل كثيراً من وقته في نفع الناس ووعظهم، بل منهم من يذهب بالشباب والتائبين إلى العمرة ويقضي كثيراً من وقته معهم.

    2 - ذكرهم بالجميل والثناء عليهم، وعدم الكلام في أعراضهم بحجة وقوع بعضهم في الخطأ.

    3 - تثبيتهم ومناصرتهم وتحفيزهم بالكلمة الطيبة والزيارة.

    4 - الإنصاف في التعامل معهم وفي نقدهم، ولا يحملنا رؤيتنا لخلل عندهم أن نهاجمهم ونطعن فيهم.

    5 - مناصحتهم بالتي هي أحسن ، فهم بشر يقعون في الصواب والخطأ، وكما أننا ننصح من يقع في الخطأ من عامة الناس فلا شك أن نصح الدعاة أولى لأن خطأهم أكبر وينتشر بشكل أوسع.

    6 - لابد أن نفرق بين نقد القول أو الفعل وبين نقد الذات، فلا بأس أن تنتقد أسلوبه مثلاً أو فكرته ، كأن تقول: القصة التي ذكرها فلان لاتصح أو عليها ملاحظات، ولكن لا تتعرض لذاته، فلا تقل مثلاً : فلان سيء وجاهل.

    وختاماً: هذه ومضات من محب، لم أقصد بها إلا النصح والتذكير لأحبتي الدعاة الشبابيون، جعلنا الله وإياكم من أوليائه الصادقين .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    أحكام وفضائل قيام الليل

    0:00

    التزين للمساجد

    0:00

    تلاوة من سورة الحاقة 18-24

    0:00

    تلاوة من سورة النازعات 34-41

    0:00

    تأملات في سورة التكوير

    0:00



    عدد الزوار

    4187753

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1595 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة