هناك وفي أرض المحشر حيث الأهوال وتغير الأحوال ، يا ترى هل لأهل الحسنات منازل ؟ وهل لهم كرامات بسبب حسناتهم وصالح أقوالهم وأعمالهم ؟
الجواب : نعم ، لأهل الحسنات مراتب وفضائل سيشاهدونها هناك في أرض المحشر، جعلنا الله وإياكم ممن يحصل عليها.
1- الأمن يوم الفزع الأكبر ؛ فهناك في يوم القيامة الخوف والأهوال والفزع الأكبر ، ولكننا نجد أن الحسنات تنفع أصحابها هناك حيث تمنحهم الطمأنينة والنجاة والأمن ، قال تعالى : ( لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) .
قلت : فسبحان ربي العظيم كيف تكون الحسنات سبباً للأمن في أوقات الشدائد .
2- الثبات على الصراط ، ونحن نعلم أن مما يكون يوم القيامة " أن يُنصب الصراط " على متن جهنم ثم يمر الناس عليه فيا ترى ماذا تصنع الحسنات بأهلها عند مرورهم على الصراط ؟ .
قال تعالى : ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
فيا عجباً لهذه الحسنات كيف تكون نوراً يوم القيامة لأهلها ، ومن روائع الأحاديث في هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم في شأن الصراط : ( تجري بهم أعمالهم ) . رواه مسلم .
فتأمل كيف تكون الأعمال هي وسيلة لتثبيت أهلها في يوم تتساقط فيه الأقدام ، فنسأل الله أن يثبتنا على الصراط .
3- ثقل الميزان يوم القيامة ؛ لأن يوم القيامة يضع الله فيه الميزان وهو كفتان ، كفة توضع فيها الحسنات وكفة توضع فيها السيئات ، ويؤتى بالحسنات لتوزن ، قال تعالى : ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .
فهنيئاً لصاحب الحسنات والصالحات حينما تكون حسناته على الميزان لتمنحه الفلاح والنجاة هناك ، وأما من فقد حسناته بسبب غفلته وتفريطه فكيف يكون حاله ؟ قال عز وجل : ( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ) .
4- أخذ الكتاب باليمين ، وذلك أن يوم القيامة تنشر صحف الأعمال لكل واحد منا ، قال ربنا تبارك وتقدس: ( وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ) .
وعندما يؤتى بها ينقسم الناس إلى قسمين : قوم يأخذون كتابهم باليمين ، قال تعالى: ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) .
وهذا إنما أخذ كتابه باليمين ؛ لأنه كان من أهل الحسنات والصالحات في الدنيا كما في نهاية الآية ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) فتأمل تجد أن الله وهبهم هذا الفوز بسبب اجتهادهم في الأيام السابقة في الحياة الدنيا .
5- دخول الجنة ؛ وهي الدار التي أعدها الله لأصحاب الحسنات جزاء لأعمالهم ، قال تعالى : ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
وقال جل وعلا: ( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ) .
والآيات في هذا الباب متواترة معلومة ، وعندما يستشعر المؤمن أن الحسنات ثمرتها دخول الجنان فإنه سيبذل المزيد من الاجتهاد في الأعمال الصالحة لكي يفوز بتلك الجنان ، والفوز بها هو الفوز الكبير، قال تعالى : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ) .
6- رؤية الرحمن ؛ وهذا أعظم نعيم في الجنة لأهل الجنة ، ولنتدبر هذا الحديث: قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه ، فيقولون : وما هو ؟ ألم يثقل الله موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، وينجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب ، فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم ) .
ووالله إن هذه اللحظة التي يتمتع فيها أهل الجنان برؤية الرحمن لهي أجمل اللحظات التي يتنافس فيها المتنافسون .
فيا صاحب الحسنات ، هذه بعض فوائد الحسنات التي تحصل عليها في أرض المحشر وما بعده ، فابذل المزيد وجاهد نفسك لتفوز بتلك الكرامات من الرب الكريم ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) .
مكتبة الصوتيات
تأملات في سورة الفجر
0:00
همسات ورسائل في الإجازة
0:00
تأملات في سورة الطور - 1
0:00
التحذير من السخرية
0:00
تلاوة من سورة الإسراء - 23-24
0:00
عدد الزوار
4970399
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |