• الاحد 22 جُمادى الأولى 1446 هـ ,الموافق :24 نوفمبر 2024 م


  • حاجتنا إلى المبادرة والمبادلة



  • مع النمو العمراني والاقتصادي والمالي المتزايد في عالمنا اليوم ، ما أحوجنا إلى النمو الأخلاقي والسلوكي ، ويأتي خلق المبادرة والمبادلة في مقدمة الأخلاق الراقية والعالية التي باتت غريبة في مجتمعات المسلمين .

    ولأجل الإيضاح فإن قصدي بالمبادرة أن يبتدئ المرء بالخلق الحسن بدون أي إشارة أو تحفيز من الناس بل انطلاقاً من القيم التربوية التي نشأ عليها وتربى في حضنها وبحثاً عن الثواب والأجر من الكريم الوهاب واقتداء برسول الأمة عليه الصلاة والسلام .

    أما المبادلة فهي ، مقابلة من أحسن إليك بنفس العمل أو أحسن منه سواءً كان ذلك الإحسان منه في سلوك أو مال أو قول أو غير ذلك من صور التعامل .

    وبين يدي إشارات تضيء هذا المعلم التربوي :

    - في الجانب الوظيفي هل سيكون الموظف مبادراً لعمله ولما يطلبه منه المدير العام ، أم أنه ينتظر الإنذارات الشفوية والتلميحات البصرية والإشارية من مديره ؟ .

    - هل سيكون مبادلاً لإخوانه الموظفين في التصرفات الحسنة التي تصدر منهم أم أنه سيكون ممن نشأ في الجفاف العاطفي وبرود المشاعر ؟.

    - أيضاً نسأل المدير العام ، هل سيبدأ السلام على موظفيه ويرحب بهم ويكافئ المتميز منهم أم أنه عاكف في غرفته يطالع جواله ، ويستمتع بالقنوات التي استقرت في مكتبه وقلبه ؟ .

    - وهل سيراعي المدير خلق المبادلة لزملائه الموظفين ويبادلهم مشاعر الفرح ويتفاعل مع المناسبات التي ينتظرون منه أن يبادلهم قضاياهم ، أم أن المدير مُصاب بداء الكِبر في لباس الشخصية الإدارية ؟

    - في المنزل هل سيبدأ الزوج بالكلمة الطيبة والهدية المناسبة والتعاون الفعال مع زوجته وأسرته أم لعله يرى أنه في غنى عن الابتداء ؛ لأنه رجل ،  والزوجة هي الخادمة التي تسكن عنده ؟.

    - ثم هل سيكون الزوج مبادلاً زوجته بالمشاعر الحسنة والعاطفية التي قد تبثها زوجته عبر لمسة أو كلمة ؟

    أم لعل الزوج ممن قسا قلبه واشتدت نفسه وأحاطت بمشاعره الثلوج من القطب الشمالي ؟.

    - وللزوجة نفس السؤال: ألا تبدأين أنت بسرد ألفاظ الحب وتقابلين زوجك حينما يأتي من عمله بالبشاشة وتبدأينه برسم قُبلة على خديه أو رأسه ؟

    أم لعل الزوج يأتي لمنزله ويجدك عاكفة على القنوات أو على الجوال ، مهملة لبيته وطعامه وفراشه ؟

    - أيتها الزوجة ، هل لديك خلق المبادلة لزوجك ، فكم من هدية وضعها بين يديك ، فلم لا تأت أنت له بهدية ؟ أليس لك قلب ؟

    كم من مرة وقف مع والديك ، فلم لا تبادليه الموقف نفسه ، وتراعي شأن والدته؟

    - وحينما ننتقل إلى عالم الصداقة فسوف نجد خلق الابتداء والتبادل في نقصان كبير ، فيا ترى لو أحصيت معروف بعض الإخوة عليك ، فهذا ساعدك في ظرف مادي ، وآخر كان سبباً في تيسير معاملة لك ، وثالث ساعدك في مشكلتك الأسرية ، ورابع وخامس .

    فيا أخانا أين ابتداؤك أنت بالمعروف ومسابقتك لخدمة أحبابك في الله أو إخوانك في العمل ؟

    هل ماتت الذوقيات في قلبك ؟ أم أنك ممن تعود على الأخذ ولم يتلذذ بالعطاء ؟.

    - وأيضاً لو تجولنا في خلق المبادلة في عالم الصداقة لوجدنا الأسى والحزن ، فكم من صديق أهداك هدية ، ولكنك لم تأت له بهدية ؟

    وكم من صديق أحسن لك بضيافة متميزة فلم لا تفاجئه بضيافة ولو بعد حين ؟ أين مشاعرك وأدبياتك ؟

    همسة : في السيرة النبوية نماذج كثيرة لخلق المبادرة والمبادلة ، وأخبار جميلة عن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم حبذا النظر فيها وتربية النفس عليها ، ومنها :

    - كان يقبل الهدية ويثيب عليها .

    - كان يقترض ويرد بأحسن مما اقترض .

    - كان يؤلف قلوب أصحابه ابتداءً بل وقلوب أعدائه.

    - كان يبادر في بيته لغسيل حوائجه " من ثياب ونحو ذلك " .

    - كان يبدأ الصبيان بالسلام عليهم .

    - كان يبدأ بزيارة المريض .

    - كان يكرم من يكرمه .

    والنصوص متوافرة ومتناثرة في دواوين السنة .

    وآخرالإمضاء ، إن البحث في أطياف المجتمع حول المبادرة والمبادلة يطول ، والقضية تحتاج إلى مزيد من التأمل والتنوع في الطرح والتناول.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    تلاوة من سورة النساء 34-64

    0:00

    البنات وثقافة الزواج

    0:00

    حقيقة السحر

    0:00

    التقوى والرزق

    0:00

    أحكام الآنية

    0:00



    عدد الزوار

    4977589

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة