• السبت 08 رَبيع الثاني 1446 هـ ,الموافق :12 أكتوبر 2024 م


  • ترتيب الأولويات في حياة الدعاة

  •  


    يعجبني نشاط ذلك ذلك الداعية وعلو همته في الدعوة إلى الله تعالى، ولقد فرحتُ كثيراً بتلك الجهود التي قام بها، وأرجو أن يستمر نشاطه كذلك بإذن الله تعالى.

    ولكنني لما تأملتُ الأولويات وجدتها مفقودة عنده، فهو ارتجالي في البرامج، سريع الإعداد لأي برنامج، لايعرف التأني ولا التخطيط.

    ولا شك أن هذا الاتجاه مخالف للأصول التي وضعها لنا سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم.

    ولك أن تتأمل معي حديث معاذ لما أرسله إلى اليمن ليبلغ الدين فقال له: ( إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله -وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله- فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) رواه البخاري .

    إن هذا الحديث يرسم لنا عمدة الوصايا، إنها قضية ترتيب الأولويات.

    إن كل الأمور ليست في مستوى واحد من الأهمية، بل هي درجات متفاوتة.

    المثال الأول : تجد بعض الدعاة في المساجد يهتم بالقراءة على جماعة المساجد من كتاب رياض الصالحين، ولا يعتني بتوضيح مسائل العقيدة.

    والثاني: يعتني في دعوة الجاليات ببعض المسائل العملية، مع أن هناك مسائل أخرى أهم منها و أوجب.

    والثالث: في دعوته للشباب، يركز على حفظ القران وإتقان التجويد، ويغفل عن تربية الشباب وتوجيههم في كيفية مواجهة الفتن.

    والرابع: يحرص على دعوة الناس ويسعى جاهداً لنفعهم، ولكنه مهمل لحقوق أهله وأبناءه، فأين العناية بالأولويات؟

    والخامس: ينفق على المحتاجين ولكنه يهمل والديه وزوجته وأبناءه.

    والسداس: مَن تكون عنده الهمة العالية في الدعوة والتضحية لأجل هذا الدين، ولكنه أهمل طلب العلم، فلا يقرأ ولا يسمع ولا يحضر مجالس العلم بحجة الارتباط ببرامج دعوية، وهذا خطأ بلا شك، لأن العلم هو أصل الدعوة وأساسها، ودعوة لا تقوم على العلم لا تنجح.

    وربنا يقول: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) وقد فقه البخاري هذا الأمر فأورد هذه الآية تحت باب العلم قبل القول والعمل.

    ولا يفهم من تذكيرنا بالعلم لذلك الداعية أن يترك الدعوة وينصرف للعلم، إنما المقصود العناية بمهمات المسائل وأصول العلم، مع جعل وقت لنفع الناس ودعوتهم.

    والأمثلة التي تتكرر في واقعنا الدعوي لا تحصى، وإنما أردت الإشارة، وبقية القضايا تدرك بإذن الله حينما نكون ممن يتقن فقه الأولويات. 


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    الاستعداد للموت

    0:00

    تأملات في سورة الجمعة

    0:00

    يا صاحب الخطايا

    0:00

    تأملات في سورة الفتح - 1

    0:00

    سورة الأعلى

    0:00



    عدد الزوار

    4792160

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 20 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1585 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة