يقومُ بعض الدعاة ببعض البرامِج الدعوية المتنوعة، فهذا خطيبُ جمعة، وهذا يُلقي الكلمات والدروس، وهذا يُسافرُ للدعوة، وآخر عنده عناية بدعوةِ الشبابِ في المراكزِ والمحاضنِ التربوية، وغيرهم كثير.
وهنا قد نُخطئ في مفهوم الثبات، فنظنّ أنّ الثباتَ المحمود هو بقاء تلك البرامج، في حينِ أنَّ الأصل هو ثبات الداعية على دينه واستقامته على المنهج الصحيح عقيدة وقولاً وعملاً، وهنا بعض الرسائل:
1- بعضُ الدعاة يتغير في دينه، بسببِ أنه مُنِع مِن برنامجٍ دعوي، كمن يُمنع مِن خطابةِ الجمعةِ أو الدروس، أو إمامةِ المسجد، فانظر كيف كان يظنّ أنّ الثبات هو بقاءه في تلك البرامج، في حينِ أنَّ الثباتَ الحقيقي هو في ثباتِ الداعية.
2- بعض الدعاة يُفتن في برنامجهِ الدعوي، فقد يشتهر بين مواقع التواصل، ومع هذه الشهرة يبدأ في التنازلِ عن شيء مِن مبادئ الدعوة وأصولها، فانظر كيف تغيَّر بسببِ شُهرةٍ عبر برنامجٍ دعوي.
3- بعض البرامِج الدعويةِ فيها شيء مِن الفتنةِ بالنساء، فيُزين الشيطان لذلك الداعية البقاء فيها، بحجةِ الدعوة، مع أنه يشعرُ بضررٍ كبيرٍ على إيمانهِ مع تلك التطبيقات، فيستمرُ عليها، ثم يبدأ الفتورُ عليه، وربما توالت عليها المصائب بسببِ تلك الذنوب التي يقع فيها، والقاعدةُ في هذا هو تطبيقُ حديث " وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ " رواه مسلم.
فنقول: إنَّ أيَّ برنامجٍ دعوي تشعرُ فيه بشيء مِن التردد بسببِ وجودِ بعض المحرمات، فإيّاك والبقاء فيه، لأنّ القاعدة تقول: " الضرر يزال " وهنا يوجد ضرر كبيرٍ على إيمانك، فلا تستمر عليه بحجةِ انتفاع الناس بك، لأنَّ ثباتك أعظم مِن بقاءك في ذلك البرنامج، والقضية تحتاج موازنة، وتقديم الأصلح لك قبل أن يكون الأصلح للناس، لأنَّ البرامج الدعوية كثيرة جداً، ولن تتوقف بتركك لهذا التطبيق أو هذا البرنامج.
4- في نظرةٍ سريعةٍ لدعوةِ الأنبياء تجد ثباتهم على الدعوة مع تنوع برامجهم، بل مع وجود الأذى بسببها، ولكنهم ثابتون على دعوتهم، فهذا نبيٌ لم يتبعه أحد، فلم يتغير، وهذا نبيٌ يُسجن فيمارس الدعوة في سجنه، وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يُمنع من مواجهة الناس في مكة فيهاجر للمدينة، وهكذا في قصصٍ رائعة لأولئك القدوات عليهم الصلاة والسلام.
5- في تاريخِ المُصلحين مِن العلماء تجدُ ذلك أيضاً، فكم هم العلماء الثابتين رغم البلايا التي تعرَّضوا لها في برامجهم الدعوية، ومع ذلك سجَّلوا أروع قصص الثبات على الدين.
وأخيراً، يجبُ على كُلِّ داعيةٍ أن يعلمَ أنَّ الغايةَ الكبرى في هذه الحياة تحقيق الاستقامة على الدين، كما قال تعالى (فاستقم كما أمرت)، وأمَّا البرامج فهي وسيلة فقط لنشر الدين، فإن تيسَّرت فالحمد لله، وأمَّا إن جاءت عوائق في تحقيقها، فليبقَ الثبات على الدين في أعلى صوره، حتى تموتَ على ذلك، وتلتقي غداً مع الأنبياء والصدِّيقين والشهداءِ الذين ثبتوا على دينهم " وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبدِیلاً ".
مكتبة الصوتيات
مقدمات في علوم القرآن ( 1 )
0:00
ومضات في الإجازة واستقبال رمضان
0:00
فوائد دعوة الجاليات
0:00
لقد كان في قصصهم عبرة
0:00
تلاوة من سورة الحشر - 22
0:00

عدد الزوار
6162121
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 37 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1667 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |