أدومه وإن قلّ

عدد القراءات : 507

في مسيرتك العلمية يجبُ أن تُجاهد نفسك على الاستمرارِ في طريقِ العلم عبر قاعدة " أدومه وإن قل " وهذه الكلمة هي جزء من حديث نبوي.

قالت عائشة رضي الله عنها: سُئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ قال: أَدْوَمُها وإنْ قَلَّ. رواه البخاري.

بل كانت المداومة منهجاً له صلى الله عليه وسلم.

عن عائشة رضي الله عنها أنه قيل لها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختص من الأيام شيئًا؟ قالت: لا، كان عمله دِيمَة. رواه البخاري.

وطالب العلم يجب أن يركز على مبدأ المداومة على العلم، وهنا ومضات:

1- احذر الحماس الذي يجعلك تفقدُ التوازنَ في العلم، لأن ضرره أكبر من نفعه.

2- المداومةُ تعني أن يكونَ لك في كل يوم أو في كل أسبوع برنامجٌ علمي في الحفظ أو القراءة أو السماع أو حضور مجالس العلم، ولا يشترط أن يكونَ الوقت لهذا البرنامج كثيراً، بل يكفيك ساعة أو ساعتين في اليوم أو ساعات محددة في الأسبوع، ولكن بشرط أن تكونَ ساعةَ نوعية أي مُركزة ومبنية على برنامجٍ تأصيليٍ مناسبٍ لك.

3- إذا حصل لك شغل أو مرض أو سفر فلابد أن تُعوضَ تلك الساعات التي فاتتك حتى تدرك ما فاتك من العلم في ذلك الوقت.

يا طالب العلم، لو نظرتَ في حياةِ العلماءِ السابقينَ والمعاصرينَ لرأيتَ العجبَ في علمهم ومؤلفاتهم، فهل تظن أن هذا العلمَ جاء في سنةٍ أو حتى عشر سنوات؟ بالطبع لا.

إنّ هذا العلم وهذه المؤلفات حصيلة لعشرات السنين التي كانوا فيها على قاعدة " أدومه وإن قلّ " ولهذا رأينا العجائبَ في مسيرتهم العلمية وتراثهم الذي تركوه.

وقد رأينا مشايخنا كابن باز وابن عثيمين وابن جبرين رحمهم الله كيف كانت دروسهم على نحو خمسين سنة، بدون انقطاع إلا في أحوالٍ يسيرة كالسفر والمرض، وكيف كانت هذه المداومة سبباً بعد فضل الله في تخريج مئات الطلاب، وتسجيلِ آلاف الساعاتِ الصوتيةِ التي بقيت فائدتها إلى الآن، بل تم تفريغ تلك الدروس إلى كتب ومقاطعَ كثيرة، وكل ذلك تحقق لهم وللأمة عبر قاعدة على المداومة ولو على القليل.

باختصار، ينبغي على طالبِ العلمِ أن يجاهد نفسه على الاستمرار في التعلم، وأن يحذر من الانقطاع أو الفوضى في المنهجية العلمية.