الحمد لله الذي رزقنا بالبنات والأولاد ، وجعل علينا مسؤلية كبيرة في رعايتهم .
والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان يحب البنات ويوصي بهن ، فقال : من عال جاريتين حتى يدركا دخلت أنا وهو الجنة كهاتين ، وضمّ أصابعه . رواه مسلم .
أما بعد .
ففي كل بيت توجد فتاة أو فتيات ، وهؤلاء البنات لديهم هموم وعندهم قصص .
أيها الآباء .
لابد أن نتعرف على مالدى البنات من هموم ونكتشف طموحاتهن ، ونبدأ بالتربية لهن والتعامل معهن على أحسن وجه حتى نحقق النعمة الكبرى بصلاحهن في الدين ، والنجاح في الدنيا .
١- لاتتضجر من البنات ، لأن هذا اعتراض على قدر الله ، وتشبه بالجاهلية التي كان فيها وأد البنات ، قال تعالى ( وإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى ظلَّ وجهه مسوداً وهو كظيم ) .
٢- بعض البنات تشتكي من قلة العاطفة في البيت ، فالوالد مشغول بعمله وتجارته والخروج للنزهة مع الأصدقاء ، والأم مشغولة بنفسها وجوالها ، وصديقاتها ، وهكذا تنشأ الفتاة ولاتجد من تجلس معه إلا الجوال ومتابعة تلك المواقع التي فيها مافيها .
والحل هنا هو التصريح بالحب لها ، وتقبيلها ، وضمها لصدرك ، والثناء عليها ، والخروج معها للنزهة لتشعر بقربك العاطفي ، وإذا لم تجد الفتاة العاطفة من والديها فقد تبحث عنها عبر مواقع التواصل أو في أماكن أخرى .
٣ - بعض البنات تشتكي من كثرة الخلافات بين والديها .
فهي ترى والدها يضرب أمها ويتكلم عليها بالسوء ، وترى عصيان الأم لوالدها ، وتترافع الأصوات ، والفتاة تشاهد ذلك يومياً ، ولاشك أن هذا يسبب للفتاة التعب النفسي ، وقد يتطور ذلك للخوف والقلق والفزع في النوم ونحو ذلك من الهموم النفسية.
٤- بعض البنات نشأت في أسرة مطلقة .
وهنا لاتسأل عن همومها النفسية والمالية والدراسية ، وكم من فتاة تكالبت عليها ضغوط الحياة من الصغر بسبب طلاق والديها ، والبعض تركت الدراسة .
والبعض فشلت في دراستها بسبب الغياب وعدم وجود المتابعة من والدها أو والدتها ، وهذه من أعظم مفاسد الطلاق الذي ملأ مجتمعنا .
ولكن المشكلة أن الوالدين لايدركان ماذا بعد الطلاق .
نعم قد يكون الطلاق هو الحل في بعض الحالات ، ولكن يجب أن يكون معه حسن ترتيب وتربية لحال البنات من كل النواحي .
٥- بعض البنات تستقيم على الحجاب والصلاة والعفاف والحياء ، ولكنها قد لاتجد في بيتها ذلك التحفيز والتثبيت ، وبلاشك أن هذا في غاية الخطورة ، وقد تترك استقامتها بسبب ذلك ، وكان الواجب أن ترى التشجيع من والديها والفرح باستقامتها .
٦- بعض البنات تشتكي من غياب والدها عنها بعد أن تزوج بالثانية .
أيها الآباء .
كلنا يعلم بأن التعدد لابأس به ، وأن الشريعة جاءت به ، ولكن لايصح أن يكون قرارك بالتعدد بدون أي دراسة واستشارة وترتيب ، مما يجعلك تفرط كثيراً في بيتك الأول أو الثاني بسبب انشغالك بالنساء ، أو بسبب تراكم الضغوط المالية عليك .
وحينها لن تجد وقتاً للحديث مع بناتك أو سماع مشكلاتهن أو السفر معهن ونحو ذلك من حقوقهن عليك .
٧- وهناك فتاة تشتكي من عدم سماع رأيها والسماح لها بالنقاش مع والديها ، وفي كل مرة تتحدث معهم تتفاجأ بأنهم يسكتونها ويصفونها بالغباء .
وهذا خطأ تربوي كبير ، لأن من حق ابنتك أن تحاورك وتبين رأيها في بعض قضاياها أو قضايا الأسرة ، وخاصة حينما تكون في سن المراهقة .
٨- وبعض البنات يجبرها والدها على الزواج من ابن عمها أو غيره من الأقارب ، وبلاشك أن هذا من الخطأ ، فكيف تجبرها على أن تعيش بقية عمرها مع شخص لم توافق عليه ، وإذا كان لايحق لك أن تجبرها على طعام لمدة لحظات ، فكيف بحياة قد تمتد لنحو خمسين سنة .
وكم سمعنا من قصص طلاقٍ بعد شهر ونحوه ، والسبب هو أن الفتاة لم تتقبل ذلك الزوج من البداية لأنها مجبرة عليه ، وديننا يراعي ذلك ، وفي الحديث الصحيح : " لا تُنكح الأيم حتى تستأمر ، ولاتنكح البكر حتى تستأذن " .
قالوا : كيف إذنها ؟ قال : " أن تسكت ". رواه البخاري .
والأيم هي الثيب .
٩- وبعض البنات تريد أن تسمع من والديها الثناء والتحفيز لتبني ثقتها بنفسها وتحقق طموحاتها ، ولكنها وللأسف لاتسمع من والديها إلا كلمات التحطيم والوصف بالفشل والغباء ،وكم من كلمة قاسية أطاحت بمشاعر ابنتك .
١٠- وكم من فتاة تتمنى أن ترى أمها في مقام القدوة في الصلاة والأخلاق والعفاف والحياء ، ولكنها وللأسف لاترى من أمها إلا عكس ذلك .
١١- وبعض البنات ترى أن والدها ينفق كثيراً على الذكور ويهمل البنات ، فهو يعطي ولده المال بلا حساب ، ولكنه يفكر مراراً قبل أن يعطي ابنته بضعة ريالات .
نعم ، بلاشك أن الولد عنده متطلبات مالية كالبنزين والدراسة وشراء أغراض البيت ، ولكن يجب أن يكون هناك انتباه لمسألة المساواة في النفقة بين الذكور والإناث .
وقد جاء رجل للنبي ﷺ ليشهده على عطية لأحد أولاده ، فقال ﷺ : هل أعطيت كل ولدك ؟
فقال : لا .
فقال ﷺ : إني لا أشهد على جور ، يعني على ظلم .
وفي رواية قال له : أتريد أن يكونوا لك في البر سواء .
اللهم أصلح أولادنا وبناتنا يارب العالمين .
---
الحمد لله .
١٢- ومن هموم بعض البنات ، أنها قد تجد السخرية بها من أخواتها أو إخوانها ، والوالدين في غفلة عن ذلك ، ولاشك أن هذا لايجوز ، والسخرية من كبائر الذنوب ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ) .
وإذا كانت السخرية مذمومة مع عامة الناس فكيف إذا كانت بتلك الفتاة .
وقد يسخرون أخواتها بجسمها أو جمالها أو فشلها في دراسة ونحو ذلك ، وكل ذلك له أضرار نفسية كبيرة عليها .
١٣- ومن هموم بعض الفتيات أنها تعيش حياة الدلع والترف الزائد في بيتها ، بدون أن تتربى على الحزم ، وهذا يسبب ضعف شخصيتها في مواجهة الحياة ، والتوازن هو المطلوب ، فنتلطف بهن ، وفي نفس الوقت نربي فيهن قوة الشخصية التي تجعلها تطالب بحقها ، وتحفظ نفسها من مصائب الحياة .
١٤- ومن فنون التربية للبنات ، أن نشجعهم على تكوين علاقات اجتماعية جيدة مع الأخريات في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة ، لأن الحاجة الاجتماعية مطلب تربوي مهم للفتاة ويكسبها مهارات مهمة في تكوين شخصيتها .
١٥- وبعض البنات تشتكي من والديها حينما يمنعانها من الرجوع لزوجها بعد الطلاق ، بسبب جهلهم في الإصلاح بينهما ، ورفضهم لكل الحلول ، وربنا يقول ( فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف ) .
أيها الأب ، إن رجوع ابنتك إلى زوجها أفضل من بقاءها مطلقة عندك .
وأخيراً كيف كان ﷺ مع البنات ؟
كان يصلي وهو حاملٌ أُمامة بنت بنته زينب رضي الله عنها .
وكان إذا دخلت عليه ابنته فاطمة رضي الله يقوم لها ويقبلها ويجلسها مكانه .
والقصص النبوية في حياة نبينا ﷺ أكثر من ذلك .
فيا أيها الآباء اتقوا الله في بناتكم وانتبهوا لكل شيء في حياتهن ، فهنّ أمانة عندكم .
اللهم اغفر لنا ذنوبنا .
مكتبة الصوتيات
ثلاث مشكلات في البيوت
0:00
سورة تبارك
0:00
التردد
0:00
حال السعداء والأشقياء
0:00
مسائل يكثر السؤال عنها
0:00
عدد الزوار
4150420
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة |