في قوله تعالى " وربك يخلق مايشاء ويختار " فاختار مكة من كل بقاع الدنيا ، ولو شاء الله لاختار مكاناً مليء بالأنهار والأشجار ليكون هناك بيته المبارك .
مسألة : ما أحب البقاع الى الله ؟
قيل : مكة ، واختاره الجمهور بدليل حديث " والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أن قومي أخرجوني منك ماخرجت " رواه الترمذي وابن ماجه بسند صحيح .
وقيل : المدينة ، بدليل حديث " مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة " رواه البخاري ومسلم ، وأضافوا له حديث " موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وماعليها " رواه البخاري ، وقالوا : هذه الروضة من الجنة وهذه يدل على أنها أفضل من مكة .
والجواب عنه : أن المقصود أن هذا الموضع يُرفع ويكون في الجنة بعد قيام القيامة ، أو أن المراد أن العمل فيه يؤدي للجنة مثل حديث " الجنة تحت طلال السيوف " وحديث " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ، قالوا وما رياض الجنة ؟ قال : مجالس الذكر . رواه الترمذي وفيه مقال .
واستدلوا بحديث " أنه قال عند خروجنه من مكة : اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع الي فأسكني في أحب البقاع إليك " .
والجواب ، أن هذا حديث ضعيف بل موضوع .
واستدلوا بأحاديث البركة في المدينة ، والجواب أن البركة في الرزق والمال وليس في الفضل عند الله .
واستدلوا بحديث ( والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ) .
والجواب : أنه قاله قبل أن تكون مكة دار أمان أي قبل فتح مكة ، ثم إن الحديث خاص بمن يرغب عن المدينة طمعاً في الدنيا ، ولهذا فالرسول صلى الله عليه وسلم خرج منها للجهاد ، والصحابة كذلك خرجوا منها للدعوة والجهاد ومات كثير منهم خارجها .
ومن أوجه تفضيل مكة على المدينة :
١- أن مكة فيها الحج والعمرة ولايكون في غيرها أبداً .
٢- وفيها الطواف ، ولايكون في غيرها أبداً .
٣- وفيها التقبيل والاستلام للحجر والركن ولايكون في غيرها أبداً .
٤- وفيها قبلة المسلمين .
٥- ومكة مهد خاتمة الرسالات .
وفيها تضاعف الحسنات ، وهذا خاص بالصلاة فقط ، ولايصح حديث في تفضيل الصوم أو الصدقة أو غيرهما في مكة .
مسألة : وهل تضاعف السيئات ؟
قيل : تضاعف كيفية لا كماً لقوله تعالى ( ومن جاء بالسيئة فلايجزى إلا مثلها ) .
وفيها مقام إبراهيم الذي كان يضع قدمه لما كان يبني الكعبة .
وفيها الصفا والمروة وهما من شعائر الله .
وفيها عين زمزم ، وهي لما شُرِب له ، وطعام طعم وشفاء سقم ، وفيها الحجر الأسود .
فائدة : سميت مزلفة بذلك :
من الازلاف أي الاجتماع وذاك لاجتماع الناس فيها ، وقيل من القرب ، أي لقربها من منى ، وتسمى جمعاً لانها تجُمع فيها الصلاة .
وتسمى المشعر الحرام ، والمشعر العلامة ، أي علامة على الحج .
فائدة : وسميت مِنى بذلك ، لكثرة مايمنى أي يراق فيها من دماء الهدي .
مسائل في المسجد الحرام :
1- أول بيت وضع للناس ، بنص الآية .
وفي الحديث عن أبي ذر قلت : يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال : " المسجد الحرام ". قلت : ثم أي ؟ قال : " المسجد الأقصى ". قلت : كم بينهما ؟ قال : " أربعون سنة ، وأينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد ". رواه مسلم .
2- هل بناه أحد قبل إبراهيم ؟
قيل بذلك بدليل ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ) فهذا يدل أن له قواعد من قبل .
وقوله تعالى ( ربما إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) فهذا يدل أنه كان بيت قبل بناء الكعبة .
3- في الاية ( وطهر بيتي للطائفين والعاكفين ) .
بدأ بالطواف لأنه لايكون إلا في بيته ، ومن هنا قيل بتقديمه على الصلاة لرواد المسجد الحرام .
4- يشرع الطواف به وصلاة ركعتين في جميع الأوقات على الصحيح ، لحديث ( يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت ، وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار ) رواه الترمذي بسند صحيح .
والمضاعفة ب ١٠٠ ألف صلاة ، رواه ابن ماجه بسند صحيح ، والفرض الواحد يساوي عمر ٥٥ سنة وستة أشهر وعشرين ليلة ، واليوم الواحد ٢٩٧ سنة وتسعة أشهر وعشر ليال . والصحيح أن المضاعفة تشمل الفرائض والنوافل .
5- هل تشمل الرجال والنساء ؟
قيل : الرجال فقط لأنهم المخاطبون بالصلاة في الجماعة ، وصلاة المرأة في بيتها أفصل لعموم النصوص ، ولكن قيل باستثناء زوار المسجد من ذلك فالمسجد في حقهم أفضل ، وقرر هذا الامام مالك .
مكتبة الصوتيات
قل إنما أنا بشر مثلكم
0:00
الإحسان إلى الناس
0:00
تأملات في سورة التكاثر
0:00
تأملات من سورة الدخان - 2
0:00
الموازين القسط
0:00
عدد الزوار
5139821
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 27 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1620 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |