• الجمعة 17 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :26 ابريل 2024 م


  • الجزء ( 2 ) المجموعة 5

  •  


    347-  حديث 813 . في الحديث " فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم حتى رأيت أثر الطين ظاهراً على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرنبته تصديق رؤياه .

    فيه استحباب ترك الإسراع إلى إزالة ما يصيب جبهة الساجد من غبار الأرض ونحوه .

    352 – حديث 823 . عن مالك بن الحويرث الليثي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً .

    فيه مشروعية جلسة الاستراحة ، وأخذ بها الشافعي وطائفة من أهل الحديث ، وعن أحمد روايتان ، وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بها ، ولم يستحبها الأكثر ، واحتج الطحاوي بخلو حديث أبي حميد عنها فإنه ساقه بلفظ: " فقام ولم يتورك " وأخرجه أبو داود أيضاً كذلك قال : فلما تخالفا احتمل أن يكون ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلة كانت به فقعد لأجلها ، لا أن ذلك من سنة الصلاة ، ثم قوى ذلك بأنها لو كانت مقصودة لشرع لها ذكر مخصوص ، وتعقب بأن الأصل عدم العلة وبأن مالك بن الحويرث هو راوي حديث : "صلوا كما رأيتموني أصلي " فحكايته لصفات صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم داخلة تحت هذا الأمر.

    353 – في سنن الصلاة ، قال الحافظ : السنن المتفق عليها لم يستوعبها كل واحد ممن وصف ، وإنما أخذ مجموعها عن مجموعهم.

    357 - قال ابن عبد البر : اختلفوا في التربع في النافلة وفي الفريضة للمريض ، وأما الصحيح فلا يجوز له التربع في الفريضة بإجماع العلماء ، كذا قال ، وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: لأن أقعد على رضفتين أحب إلي من أن أقعد متربعاً في الصلاة  .

    360 - قيل في حكمة المغايرة بين جلسة التشهد الأول والثاني في الصلاة ذات التشهدين أنه أقرب إلى عدم اشتباه عدد الركعات ، ولأن الأول تعقبه حركة بخلاف الثاني ، ولأن المسبوق إذا رآه علم قدر ما سبق به ، واستدل به الشافعي أيضاً على أن تشهد الصبح كالتشهد الأخير من غيره لعموم قوله: " في الركعة الأخيرة " واختلف فيه قول أحمد ، والمشهور عنه اختصاص التورك بالصلاة التي فيها تشهدان.

    355- حديث 828 . عن محمد بن عمرو بن عطاء، أنه كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم «رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه .

    في الحديث من الفوائد : جواز وصف الرجل نفسه بكونه أعلم من غيره إذا أمن الإعجاب وأراد تأكيد ذلك عند من سمعه لما في التعليم والأخذ عن الأعلم من الفضل.

    362- قال ابن رشيد : إذا أطلق في الأحاديث الجلوس في الصلاة من غير تقييد فالمراد به جلوس التشهد .

    364- قال الخطابي : المراد أن الله هو ذو السلام فلا تقولوا السلام على الله فإن السلام منه بدأ وإليه يعود ، ومرجع الأمر في إضافته إليه أنه ذو السلام من كل آفة وعيب ، ويحتمل أن يكون مرجعها إلى حظ العبد فيما يطلبه من السلامة من الآفات والمهالك .

    وقال النووي : معناه أن السلام اسم من أسماء الله تعالى ، يعني السالم من النقائص ، ويقال : المسلم أولياءه وقيل المسلم عليهم ، قال ابن الأنباري : أمرهم أن يصرفوه إلى الخلق لحاجتهم إلى السلامة وغناه سبحانه وتعالى عنها.

    من أدلة من قال بوجوب التشهد ، جاء عن ابن مسعود التصريح بفرضية التشهد ، وذلك فيما رواه الدار قطني وغيره بإسناد صحيح من طريق علقمة عن ابن مسعود : كنا لا ندري ما نقول قبل أن يفرض علينا التشهد .

    قوله : " التحيات " جمع تحية ومعناها السلام ، وقيل البقاء ، وقيل العظمة ، وقيل السلامة من الآفات والنقص .

    وقال ابن قتيبة : لم يكن يحيا إلا الملك خاصة ، وكان لكل ملك تحية تخصه فلهذا جمعت ، فكان المعنى التحيات التي كانوا يسلمون بها على الملوك كلها مستحقة لله ، وقال الخطابي ثم البغوي : ولم يكن في تحياتهم شيء يصلح للثناء على الله ، فلهذا أبهمت ألفاظها واستعمل منها معنى التعظيم فقال: قولوا التحيات لله ، أي أنواع التعظيم له .

    شرح بعض كلمات التشهد :

    365- " والصلوات " قيل المراد الخمس ، أو ما هو أعم من ذلك من الفرائض والنوافل في كل شريعة ، وقيل المراد العبادات كلها ، وقيل الدعوات ، وقيل المراد الرحمة ، وقيل التحيات العبادات القولية والصلوات العبادات الفعلية والطيبات الصدقات .

    قوله: " والطيبات " أي ما طاب من الكلام وحسن أن يثنى به على الله دون ما لا يليق بصفاته مما كان الملوك يحيون به ، وقيل الطيبات ذكر الله ، وقيل الأقوال الصالحة كالدعاء والثناء ، وقيل الأعمال الصالحة وهو أعم .

    قوله : " لله " فيه تنبيه على الإخلاص في العبادة ، أي أن ذلك لا يفعل إلا لله ، ويحتمل أن يراد به الاعتراف بأن ملك الملوك وغير ذلك مما ذكر كله في الحقيقة لله تعالى.

    فإن قيل ما الحكمة في العدول عن الغيبة إلى الخطاب في قوله عليك أيها النبي مع أن لفظ الغيبة هو الذي يقتضيه السياق كأن يقول السلام على النبي فينتقل من تحية الله إلى تحية النبي ثم إلى تحية النفس ثم إلى الصالحين ؟

    أجاب الطيبي بما محصله : نحن نتبع لفظ الرسول بعينه الذي كان علمه الصحابة ، ويحتمل أن يقال على طريق أهل العرفان : إن المصلين لما استفتحوا باب الملكوت بالتحيات أذن لهم بالدخول في حريم الحي الذي لا يموت فقرت أعينهم بالمناجاة فنبهوا على أن ذلك بواسطة نبي الرحمة وبركة متابعته فالتفتوا فإذا الحبيب في حرم الحبيب حاضر فأقبلوا عليه قائلين : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .

    وقد ورد في بعض طرق حديث ابن مسعود هذا ما يقتضي المغايرة بين زمانه صلى الله عليه وسلم فيقال بلفظ الخطاب ، وأما بعده فيقال بلفظ الغيبة ، وهو مما يخدش في وجه الاحتمال المذكور ، ففي الاستئذان من صحيح البخاري من طريق أبي معمر عن ابن مسعود بعد أن ساق حديث التشهد قال: " وهو بين ظهرانينا ، فلما قبض قلنا السلام " يعني على النبي ، كذا وقع في البخاري ، وأخرجه أبو عوانة في صحيحه والسراج والجوزقي وأبو نعيم الأصبهاني والبيهقي من طرق متعددة إلى أبي نعيم شيخ البخاري فيه بلفظ: " فلما قبض قلنا السلام على النبي " بحذف لفظ يعني .
    وكذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي نعيم ، قال السبكي في شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده : إن صح هذا عن الصحابة دل على أن الحطاب في السلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم غير واجب فيقال السلام على النبي .

    قلت: قد صح بلا ريب وقد وجدت له متابعاً قوياً .

    قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج أخبرني عطاء أن الصحابة كانوا يقولون والنبي صلى الله عليه وسلم حي: السلام عليك أيها النبي ، فلما مات قالوا : السلام على النبي . وهذا إسناد صحيح.

    فإن قيل لم عدل عن الوصف بالرسالة إلى الوصف بالنبوة مع أن الوصف بالرسالة أعم في حق البشر؟

    أجاب بعضهم بأن الحكمة في ذلك أن يجمع له الوصفين لكونه وصفه بالرسالة في آخر التشهد وإن كان الرسول البشري يستلزم النبوة ، لكن التصريح بهما أبلغ.

    قوله: " ورحمة الله " أي إحسانه ، "وبركاته " أي زيادته من كل خير.

    قوله: " السلام علينا " استدل به على استحباب البداءة بالنفس في الدعاء ، وفي الترمذي مصححاً من حديث أبي بن كعب " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر أحداً فدعا له بدأ بنفسه " وأصله في مسلم .

    قوله: " عباد الله الصالحين " الأشهر في تفسير الصالح أنه القائم بما يجب عليه من حقوق الله وحقوق عباده وتتفاوت درجاته ، قال الترمذي الحكيم : من أراد أن يحظى بهذا السلام الذي يسلمه الخلق في الصلاة فليكن عبداً صالحاً وإلا حرم هذا الفضل العظيم .

    وقال الفاكهاني : ينبغي للمصلي أن يستحضر في هذا المحل جميع الأنبياء والملائكة والمؤمنين ، يعني ليتوافق لفظه مع قصده .

    369- أدلة ترجيح تشهد ابن مسعود :

    قال البزار لما سئل عن أصح حديث في التشهد قال: هو عندي حديث ابن مسعود ، روي من نيف وعشرين طريقاً ، ثم سرد أكثرها .

    وقال : لا أعلم في التشهد أثبت منه ولا أصح أسانيد ولا أشهر رجالاً . ولا اختلاف بين أهل الحديث في ذلك .

    وممن جزم بذلك البغوي في شرح السنة .

    ومِن رجحانه أنه متفق عليه دون غيره .

    وأن الرواة عنه من الثقات لم يختلفوا في ألفاظه بخلاف غيره .

    وأنه تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم تلقيناً فروى الطحاوي من طريق الأسود بن يزيد عنه قال: أخذت التشهد من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقننيه كلمة كلمة .

    وقد تقدم أن في رواية أبي معمر عنه : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وكفي بين .

    368 – ضعف زيادة التسمية في بداية التشهد .

    369- نقل جماعة من العلماء الاتفاق على جواز التشهد بكل ما ثبت .

    قال القفال في فتاويه : ترك الصلاة يضر بجميع المسلمين لأن المصلي يقول: اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات ، ولا بد أن يقول في التشهد " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " فيكون مقصراً بخدمة الله وفي حق رسوله وفي حق نفسه وفي حق كافة المسلمين ، ولذلك عظمت المعصية بتركها.

    واستنبط منه السبكي أن في الصلاة حقاً للعباد مع حق الله ، وأن من تركها أخل بحق جميع المؤمنين من مضى ومن يجيء إلى يوم القيامة لوجوب قوله فيها " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين".

    370- حديث 834 . عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : علمني دعاء أدعو به في صلاتي ، قال قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .

    قال ابن دقيق العيد في الكلام على حديث أبي بكر : هذا يقتضي الأمر بهذا الدعاء في الصلاة من غير تعين محله ، ولعل الأولى أن يكون في أحد موطنين - السجود أو التشهد - لأنهما أمر فيهما بالدعاء.

    قلت – الحافظ - : والذي يظهر لي أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض الطرق من تعيينه بهذا المحل ، فقد وقع في بعض طرق حديث ابن مسعود بعد ذكر التشهد " ثم ليتخير من الدعاء ما شاء " .

    371- المسيح بفتح الميم وتخفيف المهملة المكسورة وآخره حاء مهملة يطلق على الدجال وعلى عيسى ابن مريم عليه السلام ، لكن إذا أريد الدجال قيد به.

    .. اختلف في تلقيب الدجال بذلك ، فقيل : لأنه ممسوح العين ، وقيل لأن أحد شقي وجهه خلق ممسوحاً لا عين فيه ولا حاجب ، وقيل لأنه يمسح الأرض إذا خرج.

    وأما عيسى فقيل : سمي بذلك لأنه خرج من بطن أمه ممسوحاً بالدهن ، وقيل لأن زكريا مسحه ، وقيل لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ ، وقيل لأنه كأن يمسح الأرض بسياحته .

    قوله : " فتنة المحيا وفتنة الممات " قال ابن دقيق العيد : فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات ، وأعظمها والعياذ بالله أمر الخاتمة عند الموت.

    وفتنة الممات يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت أضيفت إليه لقربها منه ، ويكون المراد بفتنة المحيا على هذا ما قبل ذلك ، ويجوز أن يراد بها فتنة القبر .

    372- استشكل دعاؤه صلى الله عليه وسلم بما ذكر مع أنه معصوم مغفور له ما تقدم وما تأخر ، وأجيب بأجوبة :

    أحدها: أنه قصد التعليم لأمته .

    ثانيها: أن المراد السؤال منه لأمته فيكون المعنى هنا أعوذ بك لأمتي .

    ثالثها: سلوك طريق التواضع وإظهار العبودية وإلزام خوف الله وإعظامه والافتقار إليه وامتثال أمره في الرغبة إليه ، ولا يمتنع تكرار الطلب مع تحقيق الإجابة لأن ذلك يحصل الحسنات ويرفع الدرجات ، وفيه تحريض لأمته على ملازمة ذلك لأنه إذا كان مع تحقق المغفرة لا يترك التضرع فمن لم يتحقق ذلك أحرى بالملازمة .

    قوله : " ظلمت نفسي" أي بملابسة ما يستوجب العقوبة أو ينقص الحظ ، وفيه أن الإنسان لا يعرى عن تقصير ولو كان صديقاً .

    قوله: " ولا يغفر الذنوب إلا أنت " فيه إقرار بالوحدانية واستجلاب للمغفرة ، وهو كقوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم } الآية ، فأثنى على المستغفرين وفي ضمن ثنائه عليهم بالاستغفار لوح بالأمر به كما قيل : إن كل شيء أثنى الله على فاعله فهو آمر به ، وكل شيء ذم فاعله فهو ناه عنه.

    قوله: " مغفرة من عندك " قال الطيبي : دل التنكير على أن المطلوب غفران عظيم لا يدرك كهنه ، ووصفه بكونه من عنده سبحانه وتعالى مريداً لذلك العظم لأن الذي يكون من عند الله لا يحيط به وصف.

    وقال ابن دقيق العيد : يحتمل وجهين :

    أحدهما : الإشارة إلى التوحيد المذكور كأنه قال لا يفعل هذا إلا أنت فافعله لي أنت .

    والثاني - وهو أحسن - أنه إشارة إلى طلب مغفرة متفضل بها لا يقتضيها سبب من العبد من عمل حسن ولا غيره. انتهى.

    وبهذا الثاني جزم ابن الجوزي فقال: المعنى هب لي المغفرة تفضلاً وإن لم أكن لها أهلاً بعملي.

    قوله: " إنك أنت الغفور الرحيم " هما صفتان ذكرتا ختما للكلام على جهة المقابلة لما تقدم ، فالغفور مقابل لقوله اغفر لي ، والرحيم مقابل لقوله ارحمني ، وهي مقابلة مرتبة.

    وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا استحباب طلب التعليم من العالم ، خصوصاً في الدعوات المطلوب فها جوامع الكلم .

    374 – حديث 835 " ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو " بعد التشهد .

    قوله: " ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو" زاد أبو داود عن مسدد شيخ البخاري فيه: " فيدعو به " ونحوه النسائي من وجه آخر بلفظ: " فليدع به " ولإسحاق عن عيسى عن الأعمش " ثم ليتخير من الدعاء ما أحب " وفي رواية منصور عن أبي وائل عند المصنف في الدعوات " ثم ليتخير من الثناء ما شاء " ونحوه لمسلم بلفظ: " من المسألة " .

    واستدل به على جواز الدعاء في الصلاة بما اختار المصلي من أمر الدنيا والآخرة .

    قال ابن بطال : خالف في ذلك النخعي وطاوس وأبو حنيفة فقالوا : لا يدعو في الصلاة إلا بما يوجد في القرآن ، كذا أطلق هو ومن تبعه عن أبي حنيفة ، والمعروف في كتب الحنفية أنه لا يدعو في الصلاة إلا بما جاء في القرآن أو ثبت في الحديث ، وعبارة بعضهم " ما كان مأثوراً " قال قائلهم : والمأثور أعم من أن يكون مرفوعاً أو غير مرفوع ، لكن ظاهر حديث الباب يرد عليهم ، وكلا يرد على قول ابن سيرين : لا يدعو في الصلاة إلا بأمر الآخرة ، واستثنى بعض الشافعية ما يقبح في أمر الدنيا ، فإن أراد الفاحش من اللفظ فمحتمل ، وإلا فلا شك أن الدعاء بالأمور المحرمة مطلقاً لا يجوز.

    376 - ذكر العقيلي وابن عبد البر أن حديث التسليمة الواحدة معلول وبسط ابن عبد البر الكلام على ذلك .

    377- قوله " وزعم " الزعم يطلق على القول المحقق وعلى القول المشكوك فيه وعلى الكذب وينزل في كل موضع على ما يليق به .

    378- حديث 841 . عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْبِيرِ .

    فيه دليل على جواز الجهر بالذكر عقب الصلاة , قال ابن باز رحمه الله تعالى – في الحاشية - : لو قال " على شرعية الجهر " لكان أصح .

    وقال النووي : حمل الشافعي هذا الحديث على أنهم جهروا به وقتاً يسيراً لأجل تعليم صفة الذكر ، لا أنهم داوموا على الجهر به ، والمختار أن الإمام والمأموم يخفيان الذكر إلا إن احتيج إلى التعليم.

    قوله: " بالتكبير" المراد أن رفع الصوت بالذكر أي بالتكبير ، وكأنهم كانوا يبدءون بالتكبير بعد الصلاة قبل التسبيح والتحميد .

    382 – في ترتيب ألفاظ الأذكار بعد الصلاة ، الأمر فيه واسع .

    الاختلاف دال على أن لا ترتيب فيها ، ويستأنس لذلك بقوله في حديث الباقيات الصالحات " لا يضرك بأيهن بدأت " .

    لكن يمكن أن يقال : الأولى البداءة بالتسبيح لأنه يتضمن نفي النقائض عن الباري سبحانه وتعالى ، ثم التحميد لأنه يتضمن إثبات الكمال له ، إذ لا يلزم من نفي النقائض إثبات الكمال ، ثم التكبير إذ لا يلزم من نفي النقائض وإثبات الكمال أن يكون صلى الله عليه وسلم هناك كبير آخر ، ثم يختم بالتهليل الدال على انفراده سبحانه وتعالى بجميع ذلك .

    .. وظاهر قوله: " كل صلاة " يشمل الفرض والنفل ، لكن حمله أكثر العلماء على الفرض ، وقد وقع في حديث كعب بن عجرة عند مسلم التقييد بالمكتوبة .

    .. لم أر في شيء من طرق الحديث كلها التصريح بإحدى عشرة إلا في حديث ابن عمر عند البزار وإسناده ضعيف .

    384 - رواية " عشر تسبيحات " قال الحافظ : وقد وجدت لرواية العشر شواهد : منها عن علي عند أحمد ، وعن سعد بن أبي وقاص عند النسائي ، وعن عبد الله بن عمرو عنده ، وعن أبي داود والترمذي ، وعن أم سلمة عند البزار، وعن أم مالك الأنصارية عند الطبراني.

    .. رواية " 25 " عن زيد بن ثابت " أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ونحمد ثلاثاً وثلاثين ونكبر أربعاً وثلاثين، فأتى رجل في منامه فقيل له: أمركم محمد أن تسبحوا - فذكره - قال: نعم قال: اجعلوها خمساً وعشرين ، واجعلوا فيها التهليل. فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره فقال: فافعلوه " أخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان .

    مسألة : لو زاد في الأذكار على العدد .

    كان بعض العلماء يقول : إن الأعداد الواردة كالذكر عقب الصلوات إذا رتب عليها ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على العدد المذكور لا يحصل له ذلك الثواب المخصوص لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة ذلك العدد .

    قال شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي : وفيه نظر ، لأنه أتى بالمقدار الذي رتب الثواب على الإتيان به فحصل له الثواب بذلك ، فإذا زاد عليه من جنسه كيف تكون الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله ؟ ا هـ.

    ويمكن أن يفترق الحال فيه بالنية ، فإن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الأمر الوارد ثم أتى بالزيادة فالأمر كما قال شيخنا لا محالة ، وإن زاد بغير نية بأن يكون الثواب رتب على عشرة مثلا فرتبه هو على مائة فيتجه القول الماضي.

    وقد بالغ القرافي في القواعد فقال: من البدع المكروهة الزيادة في المندوبات المحدودة شرعاً ، لأن شأن العظماء إذا حدوا شيئاُ أن يوقف عنده ويعد الخارج عنه مسيئا للأدب ا هـ.

    وقد مثله بعض العلماء بالدواء يكون مثلاً فيه أوقية سكر فلو زيد فيه أوقية أخرى لتخلف الانتفاع به ، فلو اقتصر على الأوقية في الدواء ثم استعمل من السكر بعد ذلك ما شاء لم يتخلف الانتفاع .

    ويؤيد ذلك أن الأذكار المتغايرة إذا ورد لكل منها عدد مخصوص مع طلب الإتيان بجميعها متوالية لم تحسن الزيادة على العدد المخصوص لما في ذلك من قطع الموالاة لاحتمال أن يكون للموالاة في ذلك حكمة خاصة تفوت بفواتها ، والله أعلم .

    378- حديث 843 . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا : ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون ، قال : ألا أحدثكم إن أخذتم أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم ، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، فاختلفنا بيننا ، فقال بعضنا : نسبح ثلاثاً وثلاثين، ونحمد ثلاثاً وثلاثين ، ونكبر أربعاً وثلاثين ، فرجعت إليه فقال : تقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين .

    وفي الحديث من الفوائد :

    1- العالم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل ، ولا يجيب بنفس الفاضل لئلا يقع الخلاف ، كذا قال ابن بطال وكأنه أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم أجاب بقوله : " ألا أدلكم على أمر تساوونهم فيه " وعدل عن قوله " نعم هم أفضل منكم بذلك ".

    2- فيه التوسعة في الغبطة .

    3- فيه المسابقة إلى الأعمال المحصلة للدرجات العالية لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلغهم ، ولم ينكر عليهم صلى الله عليه وسلم فيؤخذ منه أن قوله: " إلا من عمل " عام للفقراء والأغنياء خلافاً لمن أوله بغير ذلك.

    4- أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاق.

    5- فضل الذكر عقب الصلوات .

    6- أن العمل القاصر قد يساوي المتعدي خلافاً لمن قال إن المتعدي أفضل مطلقاً ، نبه على ذلك الشيخ عز الدين ابن عبد السلام.

    388 – حديث 846 . عن زيد بن خالد الجهني أنه قال : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليلة فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال أصبح من عبادي مؤمن وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب  .

    قلت : هذا أصل لإلقاء الكلمات بعد الصلوات .

    390- مسألة تغيير المكان بعد الصلاة لصلاة النافلة .

    روى ابن أبي شيبة أثر عن ابن عمر من وجه آخر عن أيوب عن نافع قال: كان ابن عمر يصلي سبحته مكانه .

    وجاء مرفوعا " لا يتطوع الإمام في مكانه " ولفظه عند أبي داود " أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة"، ولابن ماجه : " إذا صلى أحدكم " زاد أبو داود يعني في السبحة " ، وللبيهقي " إذا أراد أحدكم أن يتطوع بعد الفريضة فليتقدم " الحديث .

    قال البخاري " ولم يصح " وذلك لضعف إسناده واضطرابه تفرد به ليث بن أبي سليم وهو ضعيف واختلف عليه فيه .

    وقد ذكر البخاري الاختلاف فيه في تاريخه وقال : لم يثبت هذا الحديث .

    وفي الباب عن المغيرة بن شعبة مرفوعاً أيضا بلفظ: لا يصلي الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول .رواه أبو داود وإسناده منقطع ، وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي قال : من السنة أن لا يتطوع الإمام حتى يتحول من مكانه .

    وحكى ابن قدامة في " المغني " عن أحمد أنه كره ذلك وقال: لا أعرفه عن غير على ، فكأنه لم يثبت عنده حديث أبي هريرة ولا المغيرة ، وكأن المعنى في كراهة ذلك خشية التباس النافلة بالفريضة .

    وفي مسلم : عن السائب بن يزيد أنه صلى مع معاوية الجمعة فتنفل بعدها فقال له معاوية : إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك  .

    مسألة : هل يتشاغل قبل التطوع بالذكر المأثور ثم يتطوع ؟

    هذا الذي عليه عمل الأكثر ، وعند الحنفية يبدأ بالتطوع ، وحجة الجمهور حديث معاوية.

    389- حديث 849 . عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم يمكث في مكانه يسيرا ، قال ابن شهاب فنرى والله أعلم لكي ينفذ من ينصرف من النساء

    وفي الحديث فوائد :

    1- مراعاة الإمام أحوال المأمومين .

    2- الاحتياط في اجتناب ما قد يفضي إلى المحذور.

    3- اجتناب مواضع التهم .

    4- كراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت.

    ومقتضى التعليل المذكور أن المأمومين إذا كانوا رجالاً فقط أن لا يستحب هذا المكث ، وعليه حمل ابن قدامة حديث عائشة " أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " أخرجه مسلم ، وفيه أن النساء كن يحضرن الجماعة في المسجد .

    392- حديث 851 . عن عقبة قال صليت وراء النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة العصر فسلم ثم قام مسرعا فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه ففزع الناس من سرعته فخرج عليهم فرأى أنهم عجبوا من سرعته فقال : ذكرت شيئا من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني ففأمرت بقسمته .

    والتبر بكسر المثناة وسكون الموحدة الذهب .

    في الحديث فوائد :

    1- أن المكث بعد الصلاة ليس بواجب .

    2- أن التخطي للحاجة مباح .

    3- أن التفكر في الصلاة في أمر لا يتعلق بالصلاة لا يفسدها ولا ينقص من كمالها .

    4- أن إنشاء العزم في أثناء الصلاة على الأمور الجائزة لا يضر .

    5- فيه إطلاق الفعل على ما يأمر به الإنسان .

    6- جواز الاستنابة مع القدرة على المباشرة .

    396- في حديث أكل الثوم والبصل جاءت رواية " فلايقربن مسجدنا " حمله بعضهم على مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن عند أحمد رواية أخرى " فلايقربن المساجد ". فيكون النهي عام .

    399- في النهي عن دخول المسجد لصاحب الثوم ، ليس في هذا تقييد النهي بالمسجد ، فيستدل بعمومه على إلحاق المجامع بالمساجد كمصلي العيد والجنازة ومكان الوليمة ، وقد ألحقها بعضهم بالقياس والتمسك بهذا العموم أولى .

    400- قال الخطابي : توهم بعضهم أن أكل الثوم عذر في التخلف عن الجماعة ، وإنما هو عقوبة لآكله على فعله إذ حرم فضل الجماعة .

    الصواب أن إباحة أكل هذه الخضروات ذوات الرائحة الكريهة لاينافي كون الجماعة فرض عين ،كما أن حضور الطعام يسوغ ترك الجماعة لمن قدم بين يديه مع كون ذلك مباحاً ، وخلاصة الكلام أن الله سبحانه يسر على عباده وجعل مثل هذه المباحات عذراً في ترك الجماعة لمصلحة شرعية ، فإذا أراد أحد أن يتخذها حيلة لترك الجماعة حرم عليه ذلك .

    ألحق بعضهم بذلك من بفيه بخر أو به جرح له رائحة ، وزاد بعضهم فألحق أصحاب الصنائع كالسماك ، والعاهات كالمجذوم ، ومن يؤذي الناس بلسانه ، وأشار ابن دقيق العيد إلى أن ذلك كله توسع غير مرضي.

    فائدة : حكم رحبة المسجد وما قرب منها حكمه ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحها في المسجد أمر بإخراج من وجدت منه إلى البقيع كما ثبت في مسلم عن عمر رضي الله عنه .

    تنبيه : وقع في حديث حذيفة عند ابن خزيمة : من أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا ثلاثا . وبوب عليه " توقيت النهي عن إتيان الجماعة لآكل الثوم " وفيه نظر ، لاحتمال أن يكون قوله "ثلاثا " يتعلق بالقول أي قال ذلك ثلاثاً بل هذا هو الظاهر ، لأن علة المنع وجود الرائحة وهي لا تستمر هذه المدة .

    402- الجمهور على أن الصلاة لاتجب على الغلام إلا بعد البلوغ ، والأمر الوارد إنما هو للتدريب .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    اختيارك قطعة من عقلك

    0:00

    بين الزوجين

    0:00

    هو الله

    0:00

    حال السعداء والأشقياء

    0:00

    ماذا تحب المرأة من زوجها ؟!

    0:00



    عدد الزوار

    4158923

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة