هذه رسالتي لك يا صديقتي ، فأنا فتاة مثلك .
كنت أحلم بأسرة تتكون من زوج وأولاد وبنات ، نعيش معهم كل الذكريات الجميلة ، ولكنني وقعتُ في خطأ كبير في بداية زواجي .
أتمنّى منك قبل قراءة قصتي أن تعيشي معي كل التفاصيل .
إنها - في تصوري - حكاية لعدة فتيات في هذا الزمن من المطلقات ولكنهم لن يعترفوا بذلك .
رزقني الله بزوج يحبني ويشاركني الفرحة ، عشنا في البداية لحظات جميلة .
وحتى أكون صريحة معك فلقد تفاجئت ببعض الملاحظات عليه " من الجفاف العاطفي ، وعدم المبادرات التي تحلم بها كل فتاة " .
ولكني أعذره لأن الحياة الزوجية فيها بعض المفاجآت في البداية .
ووجدتُ عند أسرته بعض الحسد والغيرة والمواقف العجيبة .
كل هذا لم أكن أتوقعه ، لأنني كنتُ أظنُّ أن الزواج حياة كلها ورود وأزهار ، وهذا الظن لم يكن في مكانه ، فالحياة الزوجية تنتابها سحب من الهموم .
كل ماسبق ربما تعيشه مئات الفتيات ، ولكن البعض تتعايش معه - مادامت تحب زوجها – وتملك التفكير الإيجابي في حياتها.
إن مشكلتي هي أنني لم أتعايش مع هذه المحطات الأليمة ، بل جعلتُها ترسخُ في ذاكرتي كل لحظة .
بالرغم من أن زوجي بدأ يتغير للأفضل وأصبحَ رائعاً في تعامله ، ولكن تفكيري بدأ يسحبني للهاوية ، لم أفكر في حياتي الخاصة مع زوجي وكيف أنميها بالحب والرحمة ، لم أفكر يوماً ما في الإيجابيات التي غمرني بها .
كنتُ أبحثُ عن سلبياته ، وفي كل موقف أفكر في الجانب السيء منه وليس في الجانب الحسن .
أصبحتُ فتاة شرسة الطباع ، أرفعُ صوتي لأدنى شيء .
بدأتُ أقصر في بيتي وفي خدمة زوجي ، وأحياناً أشعر بأن الحياة معه ليس لها أمان ، مع أنه لم يقصر معي في شيء ولكن شيطاني كان كبير ، وجهلي بفنون الحياة جعلني أتمادى في تفكيري السلبي ونظراتي الغبية تجاه زوجي .
في أيامٍ أعيش كلُ الحب معه ، وفي ساعات أذوق الألم لا بسبب تقصيره معي ، بل بسبب تفكيري تجاه حياتي معه .
زوجي كريم الطبع ، وصاحب ابتسامة ، ويحب أسرتنا ، ويهدي لي الهدايا ، ويسافر بي للترفيه هنا وهناك ، ونتناول الوجبات في بعض المطاعم .
ولكن التفكير السلبي يعاودني بين فترة وأخرى .
إنها خواطر الجحيم ، وبكل صراحة لقد وجدَتْ تلك الخواطر أرضاً خصبةً في عقلي ، وتجري ساعاتِ الزمن ويرزقنا الله بتلك الفتاة الجميلة وفرحنا لها ، وعشنا أجمل الذكريات معها .
وتمشي عجلة الحياة ، والزوج بشر يصيب ويخطئ وينسى ويتأخر ، وتمرُّ به بعض الظروف المالية الصعبة .
كل ذلك يقع في عدة بيوت ، ولكن مشكلتي هو أنني لا أتعامل معه بالتي هي أحسن تجاه ذلك ، بل أجعلُ كل خطأ كالجبل حتى لو كان صغيراً .
وحينما أطالبه بالمال فإنه يبذل كل مابوسعه لأجلي وربما استدان ولكني أجحده بعد ساعات بسبب جهلي ونقص عقلي ونفسيتي المتقلبة .
لقد صبر زوجي علي كثيراً ولكنه كان يكتمُ كل ذلك ، وكان يعاملني بالمعروف في كل شيء .
لازلت أقولُ إن طبيعة التفكير التي في ذاكرتي هي السبب في كل مواقفي .
وبعد خمس سنوات من تلك الأحداث ، بدأت المشكلات تكبر بيني وبين زوجي ، بدأ زوجي يتغير علي ، بدأ زوجي يفقد صوابه أثناء الحوار معي .
كنتُ جاهلة في الحوار معه ، وكنت اتهمه بالبخل والتقصير ، كنت أنسى كل حسناته وقت الغضب ، وكنت أردد عبارة " طلقني ، لا أريد البقاء معك ".
كنتُ دائماً أقارن حياتي بحياة بعض النساء وأقول لماذا لايشتري لي مثل فلانة ؟ ولماذا لايسافر بي مثل فلانة ؟ لم أكن أعرف أن المقارنات تدمر الحياة .
ولقد كانت بعض صديقاتي يهمسون في أذني ببعض عبارات الشك في الزوج، وعدم الثقة به ، وعدم الرضوخ له حتى لا يتزوج علي .
آه ، كم كنتُ غبية .
لقد عشتُ معه بكل أنانية ، لا أرى إلا نفسي وحاجاتي .
المهم أن ينفق علي ويسافر بي ، ولا يردّ لي طلب .
وبعد سبع سنوات جاءت الفاجعة الكبرى ، قمتُ من نومي ورأيتُ ظرفاً بجانب رأسي ، ولم أجد زوجي في مكانه .
فتحتُ الظرف فوجدت رسالة مختصرة " أنا فلان ، كنتُ زوجاً لك ، عشتُ معك بكل الحب ، أخطأتُ كما يخطئ البشر ، ولكن لم أتعمد الخطأ ، لقد اكتشفتُ وبعد سنوات أنك لاتصلحين لي كزوجة .
لقد مللتُ من مشكلاتك ، لقد تعبتُ من نفسيتك المتلونة ، لقد ضجرتُ من اتهاماتك المتجددة كل أسبوع .
لقد بذلتُ في سبيل البقاء معك كل ما أملك ، لقد كنتُ أقترضُ المال لأحقق أمنياتك ، لقد كظمتُ غيظي عنكِ كثيراً .
كنتِ تتعاملين معي بكل جهل ونقص ولكن كنتُ أقول " هي تحبك وسوف تتغير للأفضل ".
ولكن وبعد تلك السنوات ، لا أظن أنك سوف تتغيرين للأفضل .
فهاهي ورقة طلاقك .
هيا انتظري الزوج الكامل ، انتظري الزوج الذي ينفق عليكِ كما أنفقتُ عليك ، انتظري الزوج الذي يصبر كما صبرتُ عليك .
انتظري ذكريات جديدة مع رجل آخر لعلك تجدين .
انتهت رسالة زوجي .
وحينما قرأتُ رسالته صرخت " لا " لا ... وسالت دموعي .
اتصلتُ بزوجي لأعتذر منه ، فكان يردُّ برسالة " أنت طالق وكل شيء انتهى ، لقد كنت أنتظر هذه الاعتذارات في زمن الاتهامات وفي ليالي الحزن الذي ملأ حياتي بسببك ".
ثم اتصلتُ و أخبرتُ أهله ، فقالوا " فلان مقتنع بالطلاق وهو الآن يرتب نفسه مع زواج جديد مع فتاة أخرى تعرفُ قيمته ".
واتصلتُ بأهلي ، فلم أجد إلا العتاب ، وكلهم قالوا بصوت واحد " طريقة تفكيرك هي السبب ".
فشعرتُ باليأس يلتحفُ بي ، والهموم تنزلُ بالقربِ مني .
أخذتُ أرتب حقيبة السفر لا لأسافر مع زوجي وبنتي ، ولكن لأذهب لبيت والدي لأبقى هناك وحيدةً بلا زوج .
دخلت بيت والدي ، والحزن يملأ البيت ، وفي لحظة هدوء ، قال والدي ودموعه تتقاطر : ليش يا بنتي ، حرام عليك تخسرين زوجك الطيب ، يابنتي ، أيش أسوي بك ، أنا عمري في السبعين ، بدل ما تجين تفرحين معنا كم يوم ، تجين ومعك كل الأحزان لعدة شهور ويمكن سنوات ، حسبي الله عليك .
يابنتي كم مرة نصحناك ، حافظي على بيتك ، احترمي زوجك ، اصبري عليه ، لاتكلفينه فوق طاقته ، لاتسمعين كلام الحريم الذين سيدمرون حياتك ".
كانت كلمات والدي كالسكين الذي يسكنُ في قلبي .
جاءت بنتي وقالت : ماما ، وين بابا ، ماشفته اليوم .
كانت دموعي هي الجواب .
مكتبة الصوتيات
أعمال القلوب - التوبة
0:00
أسباب الطلاق
0:00
ما يجب ويستحب الوضوء له
0:00
تلاوة من سورة عبس 33-42
0:00
الأعمال الصالحة
0:00
عدد الزوار
4970399
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |