• الخميس 19 جُمادى الأولى 1446 هـ ,الموافق :21 نوفمبر 2024 م


  • كانت دموعي هي الجواب

  •  

    هذه رسالتي لك يا صديقتي ، فأنا فتاة مثلك .

    كنت أحلم بأسرة تتكون من زوج وأولاد وبنات ، نعيش معهم كل الذكريات الجميلة ، ولكنني وقعتُ في خطأ كبير في بداية زواجي .

    أتمنّى منك قبل قراءة قصتي أن تعيشي معي كل التفاصيل .

    إنها - في تصوري - حكاية لعدة فتيات في هذا الزمن من المطلقات ولكنهم لن يعترفوا بذلك .

    رزقني الله بزوج يحبني ويشاركني الفرحة ، عشنا في البداية لحظات جميلة .

    وحتى أكون صريحة معك فلقد تفاجئت ببعض الملاحظات عليه " من الجفاف العاطفي ، وعدم المبادرات التي تحلم بها كل فتاة " .

    ولكني أعذره لأن الحياة الزوجية فيها بعض المفاجآت في البداية .

    ووجدتُ عند أسرته بعض الحسد والغيرة والمواقف العجيبة .

    كل هذا لم أكن أتوقعه ، لأنني كنتُ أظنُّ أن الزواج حياة كلها ورود وأزهار ، وهذا الظن لم يكن في مكانه ، فالحياة الزوجية تنتابها سحب من الهموم .

    كل ماسبق ربما تعيشه مئات الفتيات ، ولكن البعض تتعايش معه - مادامت تحب زوجها – وتملك التفكير الإيجابي في حياتها.

    إن مشكلتي هي أنني لم أتعايش مع هذه المحطات الأليمة ، بل جعلتُها ترسخُ في ذاكرتي كل لحظة .

    بالرغم من أن زوجي بدأ يتغير للأفضل وأصبحَ رائعاً في تعامله ، ولكن تفكيري بدأ يسحبني للهاوية ، لم أفكر في حياتي الخاصة مع زوجي وكيف أنميها بالحب والرحمة ، لم أفكر يوماً ما في الإيجابيات التي غمرني بها .

    كنتُ أبحثُ عن سلبياته ، وفي كل موقف أفكر في الجانب السيء منه وليس في الجانب الحسن .

    أصبحتُ فتاة شرسة الطباع ، أرفعُ صوتي لأدنى شيء .

    بدأتُ أقصر في بيتي وفي خدمة زوجي ، وأحياناً أشعر بأن الحياة معه ليس لها أمان ، مع أنه لم يقصر معي في شيء ولكن شيطاني كان كبير ، وجهلي بفنون الحياة جعلني أتمادى في تفكيري السلبي ونظراتي الغبية تجاه زوجي .

    في أيامٍ أعيش كلُ الحب معه ، وفي ساعات أذوق الألم لا بسبب تقصيره معي ، بل بسبب تفكيري تجاه حياتي معه .

    زوجي كريم الطبع ، وصاحب ابتسامة ، ويحب أسرتنا ، ويهدي لي الهدايا ، ويسافر بي للترفيه هنا وهناك ، ونتناول الوجبات في بعض المطاعم .

    ولكن التفكير السلبي يعاودني بين فترة وأخرى .

    إنها خواطر الجحيم ، وبكل صراحة لقد وجدَتْ تلك الخواطر أرضاً خصبةً في عقلي ، وتجري ساعاتِ الزمن ويرزقنا الله بتلك الفتاة الجميلة وفرحنا لها ، وعشنا أجمل الذكريات معها .

    وتمشي عجلة الحياة ، والزوج بشر يصيب ويخطئ وينسى ويتأخر ، وتمرُّ به بعض الظروف المالية الصعبة .

    كل ذلك يقع في عدة بيوت ، ولكن مشكلتي هو أنني لا أتعامل معه بالتي هي أحسن تجاه ذلك ، بل أجعلُ كل خطأ كالجبل حتى لو كان صغيراً .

    وحينما أطالبه بالمال فإنه يبذل كل مابوسعه لأجلي وربما استدان ولكني أجحده بعد ساعات بسبب جهلي ونقص عقلي ونفسيتي المتقلبة .

    لقد صبر زوجي علي كثيراً ولكنه كان يكتمُ كل ذلك ، وكان يعاملني بالمعروف في كل شيء .

    لازلت أقولُ إن طبيعة التفكير التي في ذاكرتي هي السبب في كل مواقفي .

    وبعد خمس سنوات من تلك الأحداث ، بدأت المشكلات تكبر بيني وبين زوجي ، بدأ زوجي يتغير علي ، بدأ زوجي يفقد صوابه أثناء الحوار معي .

    كنتُ جاهلة في الحوار معه ، وكنت اتهمه بالبخل والتقصير ، كنت أنسى كل حسناته وقت الغضب ، وكنت أردد عبارة " طلقني ، لا أريد البقاء معك ".

    كنتُ دائماً أقارن حياتي بحياة بعض النساء وأقول لماذا لايشتري لي مثل فلانة ؟ ولماذا لايسافر بي مثل فلانة ؟ لم أكن أعرف أن المقارنات تدمر الحياة .

    ولقد كانت بعض صديقاتي يهمسون في أذني ببعض عبارات الشك في الزوج، وعدم الثقة به ، وعدم الرضوخ له حتى لا يتزوج علي .

    آه ، كم كنتُ غبية .

    لقد عشتُ معه بكل أنانية ، لا أرى إلا نفسي وحاجاتي .

    المهم أن ينفق علي ويسافر بي ، ولا يردّ لي طلب .

    وبعد سبع سنوات جاءت الفاجعة الكبرى ، قمتُ من نومي ورأيتُ ظرفاً بجانب رأسي ، ولم أجد زوجي في مكانه .

    فتحتُ الظرف فوجدت رسالة مختصرة " أنا فلان ، كنتُ زوجاً لك ، عشتُ معك بكل الحب ، أخطأتُ كما يخطئ البشر ، ولكن لم أتعمد الخطأ ، لقد اكتشفتُ وبعد سنوات أنك لاتصلحين لي كزوجة .

    لقد مللتُ من مشكلاتك ، لقد تعبتُ من نفسيتك المتلونة ، لقد ضجرتُ من اتهاماتك المتجددة كل أسبوع .

    لقد بذلتُ في سبيل البقاء معك كل ما أملك ، لقد كنتُ أقترضُ المال لأحقق أمنياتك ، لقد كظمتُ غيظي عنكِ كثيراً .

    كنتِ تتعاملين معي بكل جهل ونقص ولكن كنتُ أقول " هي تحبك وسوف تتغير للأفضل ".

    ولكن وبعد تلك السنوات ، لا أظن أنك سوف تتغيرين للأفضل .

    فهاهي ورقة طلاقك .

    هيا انتظري الزوج الكامل ، انتظري الزوج الذي ينفق عليكِ كما أنفقتُ عليك ، انتظري الزوج الذي يصبر كما صبرتُ عليك .

    انتظري ذكريات جديدة مع رجل آخر لعلك تجدين .

    انتهت رسالة زوجي .

    وحينما قرأتُ رسالته صرخت " لا " لا ... وسالت دموعي .

    اتصلتُ بزوجي لأعتذر منه ، فكان يردُّ برسالة " أنت طالق وكل شيء انتهى ، لقد كنت أنتظر هذه الاعتذارات في زمن الاتهامات وفي ليالي الحزن الذي ملأ حياتي بسببك ".

    ثم  اتصلتُ و أخبرتُ أهله ، فقالوا " فلان مقتنع بالطلاق وهو الآن يرتب نفسه مع زواج جديد مع فتاة أخرى تعرفُ قيمته ".

    واتصلتُ بأهلي ، فلم أجد إلا العتاب ، وكلهم قالوا بصوت واحد " طريقة تفكيرك هي السبب ".

    فشعرتُ باليأس يلتحفُ بي ، والهموم تنزلُ بالقربِ مني .

    أخذتُ أرتب حقيبة السفر لا لأسافر مع زوجي وبنتي ، ولكن لأذهب لبيت والدي لأبقى هناك وحيدةً بلا زوج .

    دخلت بيت والدي ، والحزن يملأ البيت ، وفي لحظة هدوء ، قال والدي ودموعه تتقاطر : ليش يا بنتي ، حرام عليك تخسرين زوجك الطيب ، يابنتي ، أيش أسوي بك ، أنا عمري في السبعين ، بدل ما تجين تفرحين معنا كم يوم ، تجين ومعك كل الأحزان لعدة شهور ويمكن سنوات ، حسبي الله عليك .

    يابنتي كم مرة نصحناك ، حافظي على بيتك ، احترمي زوجك ، اصبري عليه ، لاتكلفينه فوق طاقته ، لاتسمعين كلام الحريم الذين سيدمرون حياتك ".

    كانت كلمات والدي كالسكين الذي يسكنُ في قلبي .

    جاءت بنتي وقالت : ماما ، وين بابا ، ماشفته اليوم .

    كانت دموعي هي الجواب .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    أعمال القلوب - التوبة

    0:00

    أسباب الطلاق

    0:00

    ما يجب ويستحب الوضوء له

    0:00

    تلاوة من سورة عبس 33-42

    0:00

    الأعمال الصالحة

    0:00



    عدد الزوار

    4970399

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة