• الاحد 04 رَبيع الأوّل 1446 هـ ,الموافق :08 سبتمبر 2024 م


  • الفرح بالله

  •  

    لعل العنوان فيه شيء من الغرابة ، لأن مفاهيم الفرح في حياتنا تقتصر على الفرح بالمحسوس فقط ، الفرح بالمال والمنصب والزوجة والولد والهدية والمنزل ونحو ذلك .

    ولعل سائل يهمس ويقول : وما معنى الفرح بالله وما هي أسراره ؟

    الفرح بالله هو الفرح به رباً وإلهاً، فتفرح بعبوديتك له وخضوعك بين يديه وافتقارك له وانكسارك على عتبات بابه .

    تفرح حينما تتوضأ لأنك سوف تناجي ربك بعد وضوئك وتقول الله أكبر.

    تفرح حينما تقف على قدميك وتركع وتسجد لربك القريب المجيد.

    تفرح بربك حينما تصوم وتترك كل شهوات النفس من الطعام والشهوة لأجل الله وحده وتتذكر الحديث القدسي: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به.

    حتى قال بعض العلماء: لو لم يكن من فضل الصيام إلا هذا الحديث لكفى.

    تفرح من داخلك وتشعر بسرور قلبك حينما تخلو بكتاب الله وتتصفح صفحاته وتنتقل بين آياته، ويتذوق قلبك حلاوة الذكر (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

    نعم يفرح العابد حينما يقوم في الليل يناجي ربه في سكون وخشوع وخضوع، يرتل بالآيات ويلهج بالدعوات، حتى إنه يسابق الزمن قبل الفجر، حتى قال ذلك العابد: والله منذ أربعين سنة ما أحزنني إلا طلوع الفجر.

    والآخر يقول: لولا الليل لما أحببت البقاء في الدنيا.

    أيّ فرح ولذة شعروا بها حتى خرجت هذه الكلمات من نفوسهم؟

    حدثني أحد العابدين وممن لهم نصيب من الليل وقال: كنت مرهق في أحد أيام البلاء الذي نزل بي، ودخلت غرفتي بعد العشاء وقلت لنفسي: سأوتر بركعة قبل أن أنام.

    يقسم لي بالله أنه ختم في تلك الليلة البقرة وآل عمران والنساء.

    قلت: وكيف مرت عليك تلك الليلة ؟

    قال: يا سلطان، رغم همومي في تلك الفترة إلا أن الله ملأ قلبي فرحاً بعبادته وخاصة في صلاة الليل.

    قلت : هنيئاً لك ذلك الفرح .

    الفرح بالله شعور يجعل القلب يرفرف نحو العلا، ويطير نحو معاني لا يقوى القلم على التعبير عنها.

    يفرح العابد بصبره على البلاء الذي نزل به من ربه الحكيم، ويرى أن وراء ذلك البلاء منازل من الثواب تجعله يستمتع بكل لحظة ألم، ولا يقوى على ذلك إلا من ترقى في مدارج العبودية وذاق من لذات الأنس بالله ما تجعله يطمئن في ساعات الشدة ويبتسم في لحظات الألم .

    يفرح الداعية الذي يتحرك هنا وهناك في سبيل الله ، دعوةً وتعليماً ، يفرح برؤية الله له وهو يتعب من أجل الله ، ولسان حاله (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى).

    يفرح ذلك التاجر الذي يبذل ماله في سبيل الله في رعاية مشروع دعوي أو إغاثي، ويعلم بأن المال الذي لديه هو رزقٌ ساقه الله إليه.

    تفرح تلك الأخت بحجابها الذي هو مصدر عزتها؛ لأنه اختيار الله لها، وتشعر أنها ملكة تمشي على الأرض لأنها أطاعت رب السماوات والأرض.

    ومضة: يامن لم يذق لذة الفرح بالله، تعال فالباب مفتوح والخيرات تغدو وتروح، وقرِّر من هذه الساعة أن تتوجه بقلبك إلى ربك القريب المجيب ليمنحك حلاوة الفرح به.

    تنبيه : الفرح بطاعة الله، هو الفرح بالتوفيق لها ومافيها من اللذة والسرور، ولايعني ذلك أن يكون في النفس شيء من الغرور والخيلاء أو التكبر على الناس.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    حال القلب مع الله

    0:00

    رسائل للشباب

    0:00

    تأملات فيي سورة العصر

    0:00

    فضل الدعوة إلى الله

    0:00

    آداب المشي إلى الصلاة

    0:00



    عدد الزوار

    4627232

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 11 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1594 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة