• الثلاثاء 07 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :16 ابريل 2024 م


  • 950 ألف ريال

  •  


    التقيت بصاحبي وقد علا وجهه الحزن ، فقلت : ما بالك يا محب ؟

    قال : يا سلطان لي صديق عرفته في مقر عملي منذ ١٥ عاماً ، كنا إخوة ، نفطر سوياً ونتحدث ونسافر ونسهر ونلعب ، وعشنا أجمل أيام العمر .

    مضت الأيام والسنوات وكنت أظنه أكثر من أخي الشقيق .

    وفي ذات يوم قابلت صاحبي وقال : يا صديقي لدي مشروع تجاري وأحتاج إلى مبلغ ٩٥٠ ألف ريال وسوف أعيده في نحو خمسة أشهر بإذن الله .

    قلت له مباشرة : أبشر ، سأحاول توفيره لك ، وقد كانت لي تجارة طيبة بحمد الله  .

    فذهبت للبنك وأحضرت جزء من المبلغ واستلفت بعضه وأحضرته له في حقيبة ، وسلمته لصديق الروح ، ولم أحضر شهوداً عليه ولم أكتب ورقة ولم آخذ إيصالاً من البنك في حوالة محددة له .

    وبعد أشهر بدأت ألمح له في إرجاع المبلغ ، فكان جوابه بكل صراحة : ليس لك شيء عندي .

    ظننته يمزح ، فقلت : دع المزاح يا صديقي ، فقال : والله لاشيء لك عندي. قالها بكل وقاحة .
    فقلت : كيف تنكر وقد ساعدتك وأحضرت لك المبلغ ؟
    فقال : ليس عندك دليل .
    فقلت : سأشتكيك للمحكمة .
    فقال : افعل مابدا لك .

    فذهبت للمحكمة وكتبك شكواي ، ولكن القاضي طالبني بالدليل والإثباتات وأوراق الحوالات أو الشيك ، فقلت : لا أملك شيء .

    فقال القاضي : ليس لك إلا أن يحلف ، فرضيت بذلك .

    وحضرنا في الموعد ، وجاء الصديق الذي خان الصداقة ، جاء ليحلف بالله كذباً أن لا مال لي عنده ، وفي الحقيقة لم أكن أتوقع أن يحلف ، وكنت أظنه سيعترف عند القاضي ويخاف .

    ولكن ظنوني ذهبت أدراج الرياح ، وبدأت الجلسة وقدمت شكواي ، والخصم يستمع بكل برود .

    فقال له القاضي : احلف بالله أنك لم تأخذ من فلان هذا المبلغ .

    وهنا شعرت بالخوف ، وتمالكت نفسي ، فرفع الخصم صوته وقال : أقسم بالله أن فلان لم يعطيني ولا ريال واحد .

    فسقطت من مكاني وارتجف جسدي من هول الحلف الكاذب ، وخرجت من المحكمة ونبضات قلبي تكاد تتوقف من صعوبة الموقف.

    هذا صديق العمر يجحدني في مبلغ كبير ٩٥٠ ألف ريال ، ويحلف كذباً على ذلك ، ماذا سيقول لربه حينما يسأله ؟

    ومضة : قال صلى الله عليه وسلم : ( من اقتطع مال أخيه بيمينه لقي الله وهو عليه غضبان ) رواه البخاري ، وفي رواية :  حرم الله عليه الجنة .

    همسة : مهما كانت ثقتك بصاحبك ، فلا تنس أن توثق جميع أوراقك الرسمية وخاصة الحوالات المالية ، والأفضل أن يكون هناك شهود على ذلك .

     


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    باب صفة صلاة النبي من كتاب عمدة الأحكام

    0:00

    المرء مع من أحب

    0:00

    قواعد في البدع

    0:00

    مسائل في البيوع

    0:00

    قواعد في تربية الأبناء - 3

    0:00



    عدد الزوار

    4132379

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 90 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1590 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة