الحمد لله الذي جعل القرآن هداية للمتقين، والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
إنا لـــنفرحُ بالأيـــامِ نــــقـــطعها
وكلُّ يومٍ مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموتِ مجتهداً
فإنما الربحُ والخسران في العمل
نستقبل الشهر ثم نودعه، ثم نستقبل العام ثم نودعه، وهذه الأيام صفحاتٌ في سجلّ أعمالنا ويوم القيامة نقرأ تلك السجلات ، " يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ " .
يا فوز مَن وجد في كتابه الحسنات، ويا خسارة مَن سيقرأ فيه السيئات.
إن شروقَ الشمسَ عليك في كل يوم لهو فرصة لك في الرجوعِ إلى الله تعالى وتصحيحِ المسار، وفي الحديث الصحيح " اغتنم خمساً قبل خمس، وحياتك قبل موتك " .
نعم يا عبد الله لازلت تتنفس الحياة، إذاً لازال لديك فرصة في كسب المزيد من الحسنات، نعم لديك الفرصة في محو السيئات التي كُتبت عليك في زمن الغفلات.
عباد الله، اعلموا أن من توفيق الله تعالى أن يُداومَ العبد على العمل الصالح، وفي الحديث الصحيح " أحبُّ العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قلَّ " رواه مسلم.
يا عبد الله، لقد كنتَ ملازماً للقرآن في شهر رمضان فلا تهجره في بقية الأيام.
يا عبد الله، لقد لازمتَ صلاةِ التراويح في رمضان، ثم ازداد نشاطك في العشر الأواخر، وأصبحتَ تصلي في الليل قانتاً خاشعاً بين يدي الله، فلماذا تترك القيام في بقية حياتك؟
إن لصلاة الليل طعماً ومذاقاً مميزاً فلا تحرم نفسك مِن تلك اللذة.
وفي الصحيح قال صلى الله عليه وسلم لأحدهم: لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل. رواه البخاري.
يا عبد الله، لقد صمتَ ثلاثين يوماً من رمضان فهل سيكون لك نصيبٌ من صيامِ النافلةِ كصيامِ الاثنينِ والخميسِ؟
إن الصيامَ عملٌ جليل يمحو الخطايا ويرفع الدرجات ويُهذِّب النفوس.
يا عبد الله ، إن مما يعينك على المداومة على الأعمال الصالحة:
١ - أن تتعرف على فضل العمل الصالح، لأنه كلما زادت معرفتك بفضل العمل زاد حُبك له ومبادرتُك إليه.
٢ - انظر في سيرةِ نبينا صلى الله عليه وسلم وعنايته بأنواع التعبد لله تعالى.
٣ - انظر في سيرِ السلفِ وشدةِ عنايتهم بالعبادات على اختلافِ أنواعها.
وإنَّ مما يعينك على المداومة على الأعمال الصالحة:
٤ - مخالطةُ الصالحين الذين تنتفع برؤيتهم قبل حديثهم، فكم مِن شخصٍ تجالسه وإذا بك تزدادُ رغبتةً في فعل الخير.
٥ - احذرُ من التسويف الذي يزرعه الشيطان في نفسك في تأجيل الأعمال الصالحة والتفريطِ فيها.
٦ - الدعاءُ وسؤالُ الربِ تعالى الثباتَ على الدينِ لأن التوفيقَ والتيسيرَ إنما يأتي من الله تعالى: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ).
قل : يا رب أعني على ذكرك وشكرك وحُسنِ عبادتك، قل : يا رب وفقني للمداومة على الأعمال الصالحة.
٧ - التفكير في نعيم الجنة وما أعدّ اللهُ لعبادهِ الصالحين ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )، وفي الحديث ( أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطرَ على قلبِ بشر ) رواه البخاري.
فاجتهد يا عبد الله في أعمالك الصالحة وداوم عليها لتفوز بالجنان.
اللهم تقبّل منا يا رب العالمين واجعلنا مِن عبادك المفلحين.
-----------
الحمد لله.
عباد الله، ومما لا يخفى عليكم أن مِن الأعمال المُستحبة في شهر شوال، صيامُ ستةِ أيامٍ منه كما جاءت بذلك النصوص ( مَن صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ) رواه مسلم .
وهناك مسائل لابد من معرفتها في هذه الأيام:
- الحكمةُ مِن صيامِ ستٍ من شوال هو جبرُ النقصِ الذي يكونُ في صيامِ الفرض.
ومن الِحكمِ أنه بصيام الست بعد صوم رمضان كاملاً تفوزُ بأجرِ صومِ سنةٍ كاملة ؛ لأن الشهر ثلاثون يوماً والحسنةُ بعشر أمثالها، فتكون ثلاثمائة يوم، وصومُ ستٍ من شوال بستينَ حسنة، وهكذا تكون حصلت على أجرِ صومِ سنةٍ كاملة.
- واعلموا أن الأكمل هو المبادرة بصيامها قبل زحمة الأعمال وتراكم الأشغال وحصول الأمراض.
- ويجوز صومها متفرقة.
- ومَن كان عليه قضاء فالأفضل أن يبُادر بالقضاءِ قبل صيامِ الست.
- ولا يصح أن ينوي القضاء والست في يومٍ واحد؛ لأنّ القضاء مُقدّمٌ على النافلةِ وهو فرضٌ واجب.
- ومَن أراد صومَ القضاء فلابد أن ينويه من الليل؛ لأنه فرض، والفرض لابد له من نيةٍ من الليل كصومِ رمضانِ والقضاءِ والنذرِ والكفارة، كلها لا بد أن تكون نيتها مِن الليل.
- وكذلك صومُ ستٍ مِن شوال لابد له مِن نيةٍ مِن الليل؛ لأنه نفلٌ مُقيّد فيجبُ تبييتُ النية مِن الليل.
- ويصحُ أن ينوي الست مِن شوال في يوم الإثنين والخميس ليفوز بالأجرين لأنهما نوافل.
- ولو بدأ بصيامها قبل القضاء فلابأس بذلك، وفضلُ الله واسع ونرجو أن يفوز بالأجرِ الواردِ في ذلك.
عباد الله ، جاهدوا أنفسكم في المداومة على الخيرات بعد رمضان، واسألوا ربكم الإعانة والتوفيق.
فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
واعلموا أن مَن أقبل على الله وجدَ السعادة في حياته، والبركةَ في ماله، ووجدَ أن التوفيق يحيطُ به مِن كل جانب.
...
اللهم ارزقنا القبول يا رب العالمين.
اللهم أدم على بلادنا وعلى بلاد المسلمين نعمة الأمن والإيمان.
اللهم يسرنا لفعل الخيرات، وتجاوز عن السيئات يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
فضائل وأحكام قيام الليل
0:00
قصة العالم بن باز رحمه الله مع السارق
0:00
الدعوة سبب لصلاح الأسر
0:00
شرح القواعد الأربع
0:00
القرية التي تحركت
0:00

عدد الزوار
5715067
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 34 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1645 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |