• الاحد 19 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :28 ابريل 2024 م


  • الزواج بنية الطلاق



  • مسائل في الزواج بنية الطلاق .


    الزواج بنية الطلاق، هو : أن يتزوج الرجل بامرأة بكامل الشروط من ولي وشهود وانتفاء الموانع ، ولكن تكون له نية أن يطلقها بعد مدة معينة.

    الفرق بينه وبين المتعة :

    المتعة هو زواج بمبلغ مالي متفق عليه ، على مدة معينة ينتهي بانتهاءها ، من غير طلاق ولانفقة ولاسكن ولاوراثة ، وقد كان مباح في أول الإسلام ثم جاء المنع منه مطلقاً ، واستقر الإجماع على تحريمه، وهو مشتهر عند الروافض.

    واختلف العلماء في حكم الزواج بنية الطلاق.

    فقيل : يباح ، وهو مذهب الجمهور، وحجتهم أنه زواج مكتمل الأركان والشروط، وأن نية استدامة الزواج ليست شرطاً لصحة العقد.

    وقيل : يحرم ، وهو قول الأوزاعي ، ومن المتأخرين المجمع الفقهي واللجنة الدائمة وابن عثيمين ومحمد رشيد رضا ، لعموم حديث " وإنما لكل امرئ مانوى " وهذا الرجل قد دخل على نكاح مؤقت كالمتعة، وهذا مثل نكاح التحليل فهو محرم لوجود نية التحليل ، وهذا مثله وإن لم يشترط المدة.

    ومن أسباب التحريم :

    ١- أن الأصل في عقد الزواج في شريعة الإسلام الديمومة والاستمرار ويظهر هذا واضحًا من خلال تحريم الإسلام لكل زواج مؤقت كنكاح المتعة.

    ٢- أن الزواج بنية الطلاق يتنافى مع حقيقة عقد الزواج الذي سماه الله سبحانه وتعالى ميثاقًا غليظًا ، قال تعالى ﴿ وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا ﴾.
    وثبت في الحديث عن جابر أن النبي ﷺ قال: اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. رواه مسلم.
    فأين الزواج بنية الطلاق من المقاصد الشرعية للزواج؟

    ٣- أنه كنكاح المتعة حيث إن كلا منهما له نهاية، ونكاح المتعة باطل كما تقدم فيكون الزواج بنية الطلاق باطلاً من باب أولى؛ لأن نكاح المتعة واضح الغاية والنهاية، بخلاف الزواج بنية الطلاق فلا يعلم فيه ذلك فيدخل في باب الغرر المنهي عنه.

    ٤- أنه يشتمل على الغش والخداع والخيانة وكل ذلك لا يجوز.

    لأن الإنسان لا يرضاه لابنته، فلا ينبغي له أن يفعله مع غيره، والنبي ﷺ قال في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ضمن حديث طويل: فمن أحب أن يزحزَح عن النار ويدخَل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، ولياتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه .
    أي: يعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به.

    ٥- أنه وسيلة إلى الحرام، حيث إن بعض من تعود عليه فإنه قد يتجاوز العدد المباح شرعاً، فيتزوج ويطلق وبعضهن لازالت في عدة الطلاق ، فيجتمع ماؤه في رحم أكثر من العدد المباح ، والوسيلة لها حكم الغاية.

    ٦- أنه وسيلة إلى حمل المرأة على النكاح حتى لو كانت في العدة بدافع الطمع المادي ، فتختلط المياه وتضيع الأنساب، ولهذا قد تتزوج المرأة بأكثر من شخص في نفس الوقت بدون أن يعلم الآخر، وبعض النساء ربما تكون حامل من شخص آخر ثم تتزوج، وكل ذلك بسبب الرغبة في المال، وضعف الإيمان.

    ٧- أن فيه غش للزوجة وأهلها ، سواء علموا بالمدة أو لم يعلموا ، لأنه بهذا يشبه المتعة ، وقد توافق المرأة وأهلها للرغبة في المال، وخاصة في بعض البلاد الإسلامية الفقيرة التي يأتيها الشباب لقصد هذا الزواج.

    ٨- أن الزواج بنية الطلاق فيه إساءة بالغة للإسلام والمسلمين وتشويه لصورة الإسلام ، قال الإمام مالك : ليس هذا من أخلاق الإسلام .

    حيث إنه يورث عند الآخرين انطباعًا بأن المسلم متحلل من القيم والأخلاق الحسنة ولا ينظر إلا لقضاء شهوته ولمصلحته الشخصية، كما أنه يسيء إساءة بالغة لحقيقة نظرة الإسلام للمرأة، حيث يهتم هذا المتزوج وهو ينوي الطلاق بقضاء شهواته فقط ويكرس مفهوم الجنس للجنس، وهو مفهوم لا يقبله الإسلام إلى غير ذلك من المفاهيم الخاطئة.

    إذا تقرر هذا فلا بد من التنبيه على أن الفتاوى التي نُقلت عن أئمة الفقه المتقدمين إنما كانت في حالات خاصة على خلاف الأصل، فلا يجوز تعميمها على كل أحد.

    ٩- أن مفاسده وآثاره السيئة تربو بكثير على المصلحة، لتأثيره على أهداف الزواج السامية ومقاصده، فلا مودة ولا رحمة ولا نسل ولا تعاون .

    وهنا فتوى صريحة لابن عثيمين في لقاء الباب المفتوح 23 / 133

    السؤال :
    فضيلة الشيخ: سمعتُ بعض الشباب يقولون: نحن لا نقدر على الزواج، ونريد أن نذهب إلى بعض البلدان ونتزوج بنية الطلاق، فما حكم فعلهم؟

    الجواب :

    ما شاء الله، هؤلاء ذهبوا للزنا، فإذا فعلوا ذلك فهم زناة؛ لأن الذين أجازوا النكاح بنية الطلاق من أهل العلم إنما أرادوا الرجل الغريب الذي ذهب لغير هذا القصد، ذهب لتجارة، أو لطلب علم، أو لعلاج وبقوا هناك، فهنا اختلف العلماء: هل له أن يتزوج بنية الطلاق أم لا يجوز؟

    فمنهم من جوَّزه، ومنهم من منعه، وأما أن يذهب لهذا الغرض فلا شك أن هذا زنا، وأنه لا يقول به أحد من الناس أبدًا، ولو أن هؤلاء اتقوا الله لجعل لهم فرجًا ومخرجًا، لو أنهم فعلوا ما أرشدهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم. لكان خيراً .

    هؤلاء ذهبوا بتذكرة ورجعوا بتذكرة، ونزلوا فنادق هناك قد تكون من أغلى الفنادق وأكثرها ثمنًا، وتزوجوا على شيء، ثم سيعودون، فهم في الحقيقة ذهبوا للزنا، فعليهم أن يتوبوا إلى الله وأن يتقوا الله تعالى، وأن يسترشدوا بإرشاد الرسول ﷺ، بلغهم هذا عني، جزاك الله خيرًا. انتهى كلامه .

    ولقد سمعتُ بقصص عجيبة في هذا الزواج، فقد حدثني أحد الشباب أنه سافر لبعض الدول الإسلامية وتزوج من ثلاث بنات، كل أسبوع يتزوج ببنت ثم يطلقها، وهكذا بمبلغ رمزي نحو خمسة آلاف ريال.
    وأعتقد أن القول بالجواز يساهم في مثل هذا التساهل لهذه الممارسات السيئة التي نجزم أن الإسلام لايرضاها أبداً .
    بل إن البعض يسافر لقصد هذا الزواج فقط ثم يعود ، وهكذا يفعل ربما في كل سنة ؟
    ويقول : أنا لا أستطيع أن أتزوج بامرأة أخرى في بلدي فلماذا لا أسافر وأتزوج بمبلغ يسير ، ثم أطلق في خلال أسبوعين ؟

    نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين .


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    المرأة والتفاؤل

    0:00

    عليك أربعة شهود

    0:00

    عشر رسائل للحجيج

    0:00

    سورة المؤمنون

    0:00

    التغيير والنجاح

    0:00



    عدد الزوار

    4166435

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة