علمتني الحياة أن من أعظم قواعد السعادة ومن أجمل فنون النجاح هو " تغيير طريقة التفكير " .
إن الأحداث التي تجري لنا في بيوتنا ، في عملنا ، في حياتنا ، في كل شيء ، في كل يوم .
يمكننا أن ننظر لها من جانبٍ واحد وهو الجانب السلبي ، ويمكننا أن نغير طريقة التفكير وننظر لها بمنظارٍ آخر إيجابي ، وهذا ليس خروجاً من الموقف أو تبريراً له ولكن هو حلٌ جذري لما قد يترتبُ علينا لو نظرنا له من منظارٍ سلبي .
والأمثلة توضح هذا :
المثال الأول :
في البيت ، حينما يصدر الخطأ من زوجتك أو التقصير غير المقصود فهنا عندنا نوعان من الرجال :
الرجل الأول : من يتهم زوجته بالتقصير ويقول : أنت كسولة ، مافيك خير ، الحياة معك ملل " وغيرها من العبارات التي تؤكد لنا طريقة التفكير التي تعود عليها صاحبنا .
الرجل الثاني : من ينظر لهذا الخطأ أنه طبعي وكلنا نقصر ، ومهما فعلت زوجتي فالحب الذي بيننا أكبر من مجرد خلاف بسيط .
طبعاً نحن نتكلم عن خلافاتٍ بسيطة وليست خلافاتٍ جوهرية في عمقِ الحياة .
فالرجل الأول لم يحفظ لزوجته أيامها الحلوة معه وغابت عنه كل لحظات السعادة والذكريات الجميلة وركّز فقط على الخطأ الذي شاهده في تلك الساعة .
وأمّا الرجل الثاني فليس من المتأثرين بالأفلام الرومانسية ، بل هو رجلٌ عظيم الحب صادق المشاعر ، قد نظر للخطأ على أنه خطأ بشري لايسلم منه أحد ، وأن التاريخ المشرق مع زوجته يمسح كل مايقع منها .
طبعاً الأول سيعيش مع زوجته في هموم وسوف تكبر المشكلات بينهما ، وأمّا الثاني فسيعيش في حبٍ ومودة ، ولايمنع أن يقدم نصيحته لزوجته أن تنتبه مستقبلاً لأفعالها حتى لايتكرر منها ذلك الخطأ .
إن الذي فرّق بينهما هو طريقة التفكير وكيفية التعامل مع الموقف .
ومن زاوية أخرى فقد يصدر الخطأ والتقصير من ذلك الزوج في النواحي المالية أو الجوانب النفسية أو في الجانب السلوكي مع زوجته ، فالنساء أنواع مع هذا التقصير :
الأولى : من تصبر ، وتبحث عن السبب في تقصير زوجها ، وتحسن الظن به ، وتلتمس له العذر وتتمسك به ، وتحاول إصلاح حاله بعدة وسائل ، فإن عجزت عن ذلك استعانت بأهلها أو أهله للبحث عن حلول .
الثانية : بمجرد أن يقصر معها أو تكتشف أن عنده بعض السلوك السيء ، فإنها تطلب الطلاق ، ولعلها لم تعش معه إلا بضعة أشهر ، بل ومنهن من تتصل بأهلها وتطلب منهم أن يأتوا لأخذها بدون علم زوجها .
ولاشك أن هذا خلل كبير ، لأن الحلول لأخطاء الزوج ليست هكذا ، نعم نحن نتفق أن الأخطاء تختلف وأن الأزواج ليسوا بنمط واحد ، ولكن في النهاية فلابد أن نتفق أن التفكير السليم يعين على الحل المناسب .
المثال الثاني :
عندنا رجلان يعملان في مكانٍ واحد وكلاهما يسكن بعيداً عن العمل بنحو نصف ساعة ، وفي الطريق زحام ونحو ذلك .
لما سألنا الموظف الأول عن الدوام ؟
قال : الله يعين ، المكان بعيد ، وزحام ، وحوادث ، وهموم ، وربما أترك هذا العمل .
ولما سألنا الموظف الثاني عن الدوام ؟
قال : الحمد لله ، أنا أذهب مبكراً ، وأستفيد من الطريق في سماع الإذاعة والمقاطع النافعة وأحياناً أشتغل بالتسبيح والتهليل ، وهذا العمل هو مصدر رزقي ، والزملاء من أفضل الزملاء ومديري متعاون معي في الإجازات .
لاحظ معي ، ماهو الفرق بين الرجلين ، كلاهما في دوام واحد ، ونفس المسافة ، ونفس المكاتب .
لماذا الأول متضايق والثاني مرتاح ؟
إنها طريقة التفكير التي غيرت طبيعة الصورة الذهنية للعمل .
المثال الثالث :
في أسرتك قد تجد أحد الأبناء مقصر في الصلاة ويتابع بعض الأفلام المحرمة.
فهنا نوعان من الآباء في طريقة تفكيرهم نحو هذا الابن .
الأول : دائما يخاطب ابنه " يافاشل ، ياتارك الصلاة ، أنت فاسق ، حسبي الله عليك " وغيرها من الكلمات التي تدل على اليأس من هداية ابنه واتهامه بكل ماهو سيء .
الوالد الثاني : يتألم طبعاً من أفعال ابنه ، ولكنه يتودد له ، ويعاتبه بلطف ، ويدعو له في صلاته ، ويرسل له رسائل وعظية ، ولديه تفاؤل بأن الله سيهدي ابنه بعد زمن .
وهنا يمكننا أن نتساءل : كيف سيكون التعامل في أسرة هذين الأبوين ؟
الجواب :
أن الابن الذي يسمع من والده عبارات السب والشتم سوف يحقد على والده وسوف يعيش حالة من اليأس وربما فشل في دراسته ، وقد يخرج كثيراً من البيت ليبحث عن أشخاص يحتوونه .
وأما الثاني فسوف يبقى الحب بينه وبين والده ، وسيبقى مع أسرته لأنها المحضن المناسب له ، ففيها الحنان والاحترام حتى لو كان مقصر ، وهذا الثاني سيحبُّ والده وربما تغير للأفضل مع الليالي والأيام .
إنها طريقة التفكير التي اختلفت بين الأب الأول والثاني .
المثال الرابع :
الإعاقة الحركية ، هي نوع من البلاء ولكن يختلف تعامل المصاب بذلك نتيجة لاختلاف تفكيره تجاه هذا المرض .
المريض الأول : من يستسلم لهذا المرض ويبقى على كرسي متحرك ، متشائم من الحياة لا يقرأ ولايفكر أن يطور نفسه ويكتفي فقط بمراجعة المستشفيات بين وقت وآخر .
المريض الثاني : معاق حركياً ولكنه يملك همة عالية .
وتأمل معي قصة صاحبي المعاق " إنه شاب مشلول شلل كامل ، ولكنه أكمل دراسته حتى أنهى الجامعة ، وبدأ يحضر للماجستير ، ويصلي مع الجماعة ، وله مشاركة في حلقات التحفيظ ،ويشارك في المسابقات الرياضية للمعاقين.
ياترى لماذا لم يستسلم مثل المريض الأول ؟
إنها الهمة العالية والنظرة الإيجابية للحياة ، وأن الحياة مليئة بصور النجاح لمن كان يفكر فيها بشكل مختلف .
المثال الخامس :
السفر بحثاً عن العمل في بلاد بعيدة عن موطن الوالدين والأسرة .
وهذا الأمر لايخلو منه بلد في الغالب وخاصة البلاد التي تعاني من قلة الوظائف أو صعوبة العيش فيها .
وهنا لدينا نوعان من هؤلاء المغتربين :
الأول : من تراه مهموماً طوال الوقت لبعده عن أسرته ، وكل يوم يعيش ذكرياتهم ويتأمل في صورهم ويراسلهم كل ساعة ، وربما فرط في عمله بسبب همومه ونفسيته الحزينة .
الثاني : بدأ يصارع الغربة ويتحدى الحياة ، ويشق طريق النجاح والأمل .
فلمّا وجد العمل المناسب ، بدأ يطور نفسه وينمي ثقافته ، وأصبح الموظف المثالي في تلك الشركة أو المؤسسة ، ونال إعجاب جميع المسؤلين فيها ، وهو أيضاً لم يترك التواصل مع أسرته بل يراسلهم ويتذكرهم ، ولكنه لم يجعل تلك الذكريات سداً منيعاً عن نجاحه وصناعة التميز له في تلك الغربة .
إنه التفكير الذي يصنع من الألم الأمل ويغير المحنة إلى منحة ويقلب المصيبة إلى فرصة للنجاح .
قصة صاحبي أحمد :
إنه أحمد الذي عرفته منذ 12 سنة ، كان موظف في إحدى الموانئ ، براتبٍ بسيط ، لم يكن يملك سيارة ، وكان يقف على الشارع نحو نصف ساعة لعل أحد المارة يقف ليذهب به إلى مكان العمل .
فكر بطريقة عجيبة في إكمال الجامعة ولكن في الصين ، وفعلاً ذهب للصين ودخل الجامعة ، وصرف مبالغ في السنة الأولى ثم أكملت الدولة بقية المبالغ لأنه تحول لنظام المبتعثين .
وكان يتصل علي يشتكي من الفتن والغربة وصعوبة اللغة الصينية ، وكنت أذكره بالطموح والهمة وأن المستقبل ينتظره .
وبعد سنوات الجامعة يتخرج بامتياز ، ويفوز بأفضل طالب يتحدث اللغة الصينية بين العرب ، ثم يتوظف في القنصلية السعودية ، ثم يعود للسعودية وتتعاقد معه أكبر شركة اتصالات براتب لم يكن يحلم به ، ويتزوج ويسكن حالياً في الرياض .
إنها قصة الطموح والتفكير الإيجابي .
إن أحمد لم يكن مثل بعض الشباب الكسالى الذي يفكّر الواحد منهم فقط في السفر هنا وهناك ومتابعة الأفلام والسهر في الشوارع .
إن أحمد فكّر بطريقة مختلفة ، فكّر بأنه شاب يملك الطاقة التي تجعله مميزاً في بقية عمره، إن أحمد انتقل من شاب في إحدى الموانئ إلى مدير مرموق في برمجة الحاسب في إحدى الشركات .
إن التفكير الإيجابي ينقلك لعالم رائع .
قصة قصيرة :
ذكر بعضهم أن رجلاً اشترى أرضاً ليزرع عليها ، ولكنه اكتشف أنها غير صالحة للزراعة وأنها مليئة بالثعابين ، فتألم كثيراً ، وشعر بخيبة أمل .
ولكنه فكّر بطريقة أخرى وهي كيف يستفيد من وجود الثعابين ، فبدأ باصطيادها ، وأصبح يبيع السم الذي فيها لبعض المستشفيات الذين يصنعون منه بعض العقاقير ، ثم بدأ ببيع جلود الثعابين .
وهكذا أصبحت تلك المزرعة المليئة بالثعابين مصدراً لرزقه ، وذلك حينما غير تفكيره بشكل إيجابي .
والقصص والأمثلة كثيرة ، وإنما أردتُ ذكر بعضها للتوضيح.
وأختم بإشارات تعين على التفكير الإيجابي :
1- ابدأ بتغيير العادات السلبية التي تعودت عليها ومنها عادة التفكير .
2- القراءة في الكتب التي تتحدث عن الإيجابية وتدريب النفس عليها .
3- سماع المقاطع التي تزرع الأمل في النفس .
4- خالط الأشخاص الإيجابين .
5- في تويتر ومواقع التواصل ، تابع الحسابات التي تتحدث عن الخير والحب والتفاؤل .
6- توسيع دائرة التفكير والعلم بأن كل شيء يمكننا أن نفكر فيه من جانب سلبي ومن جانب إيجابي ، واكتب بعض الأمثلة وتدرب عليها مع صديق لك .
7- الدعاء أولاً وآخراً أعظم مايعينك على تفاصيل النجاح في حياتك.
مكتبة الصوتيات
من مشاهد يوم القيامة
0:00
الدعوة سبب لصلاح الأسر
0:00
فضل التوحيد
0:00
عجائب الاستغفار
0:00
خذ العفو وأمر بالعرف
0:00
عدد الزوار
4179944
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1593 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة |