• الجمعة 17 شَوّال 1445 هـ ,الموافق :26 ابريل 2024 م


  • الاحتفال بالمولد النبوي


  • الحمد لله الذي أرسل رسولهُ بالهدى ودينِ الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .

    الحمد لله الذي اختار لنا أشرفَ الرسلِ وأزكاهم ، نبينا وحبيبنا وقرةَ عيوننا محمد بن عبدالله صلواتُ ربي وسلامه عليه ..
    أما بعد ..

    فها نحن في شهر ربيعٍ الأول الذي تتكرر فيه في كلِ سنةٍ بدعةٌ ما أنزلَ الله بها من سلطان ، إنها بدعةُ الاحتفال بالمولد النبوي .

    عباد الله.. إن ديننا يقومُ على ركنينِ مهمين ألا وهما الإخلاصُ لله تعالى والاتباعُ لنبينا صلى الله عليه وسلم ، ودليلُ هذين الركنين قولُه تعالى: { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }.
    وإن الناظرَ في أحوالِ بعضِ المسلمين يجدُ منهم تساهلاً في قضيةِ الاتباع وميلاً إلى الابتداع في الدين بأسبابٍ واهية وحججٍ لا صحة لها .

    ومن البدع المتكررة في كل عام وفي شهر ربيع الأول تحديداً وفي يوم الثاني عشر ما يسمى بالاحتفال بالمولد النبوي ، فيحتفلُ به بعضُ الجهلةِ من الناس هنا وهناك ، وتبثه بعضُ القنوات ويحصلُ فيه بعضُ المنكرات بل والشركيات ، وسوف نعالجُ هذه البدعة من أصولها في هذه الدقائق .

    معاشر المسلمين.. إن من معالمِ هذا الدين وجوبُ محبةِ النبي صلى الله عليه وسلم .
    قال صلى الله عليه وسلم " لايؤمن أحدكم حتى أكونَ أحبَ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ". رواه البخاري .
    وكان الصحابةُ رضي الله تعالى عنهم أصدقُ الناسِ محبةً لنبينا صلى الله عليه وسلم فكانوا معه في السراء والضراء وقدموا أنفسهم وأموالهم فداءً له .
    ومضت أجيال فجاء التابعون وساروا على منهج الصحابة في الحبِ الكبير للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، فكانوا له متبعين في كل نواحي الدين ولم يقعوا في البدع ولا الضلالات التي وقع فيها المخالفون .

    وبعد مضي أزمنةِ الطهر والاتباع بدأت نابتةُ البدعِ والخرافات تبثُ سمومها في الدين من خلال ما يسمى بالحب النبوي .
    فحدثت بدعةُ الاحتفالِ بالمولد النبوي ، وأولُ من ابتدعه من سمُوا أنفسهم بالفاطميين (المطعون في دينهم ونسبهم) سنة(362)هـ

    ‏‏قال العلماء : لو جاز الاحتفالُ بشيء من الأحداث لكان الاحتفال ببعثته وهجرته أولى من الاحتفال بمولده .
    ‏ومن المفارقات أن ولادتهُ صلى الله عليه وسلم لم تثبت في 12 ربيع الأول والثابت وفاته في هذا التاريخ .

    معاشر الكرام.. إن لكلِ بدعةٍ مضارُ ومفاسد ، ومن مضارِ بدعة الاحتفال بالمولد النبوي :
    ‏إن الاحتفال بالمولد النبوي من منهج الذين يريدون إفراغَ الدينِ من مضمونه ، ليبينوا للعالم أن الإسلام مجرد احتفالات وأعياد وليس اتباع وتطبيق في كل شؤن الحياة .

    ومن إشكاليات هذه البدعة :
    أن فيها تشبهٌ بالنصارى في احتفالهم بميلاد عيسى عليه السلام .
    والدين جاء بتأصيلِ مخالفةِ المشركين وتحريم التشبه بهم كما قال صلى الله عليه وسلم " ليس منا من تشبه بغيرنا .
    وقال : " من تشبه بقوم فهو منهم " .

    فعجباً لمن يحتفل بالمولد النبوي كيف يتشبه بالكفار في بدعهم وضلالاتهم .

    ‏ومن ذلك : أن الاحتفال بالمولد النبوي لم يفعله أحد من السلف في القرون الفاضلة التي زكاها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) رواه البخاري .

    ومن ضلال هذا الاحتفال أن القائمين عليه يريدون التقرب إلى الله بذلك فيرونه عبادةً من أجلّ العبادات وهذا هو الضلالُ بعينه لأن العبادات لايقبلها الله إلا كانت تنطلقُ من دليلٍ شرعي وكما يقول العلماء : العبادات توقيفية أي نقف فيها على النص الشرعي .

    وعند البحث لم نجد ولا دليلاً واحداً لا من القرآن ولا من السنة يحث على هذا الاحتفال بالمولد النبوي ، ولذلك فإنه يندرج في قائمة البدع .
    والبدعة في الدين كما تعلمون هي ما أُحدث على غير منهج النبي صلى الله عليه وسلم ، والأحاديثُ التي تحذرُ من البدعِ أكثر من أن تُذكر وأشهر من أن تُحصر ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) .

    ‏‏أيها الفضلاء .. ألا وإن أعظم صور التعظيم له صلى الله عليه وسلم : هو الاقتداءُ به وعدم مخالفة أمره حباً وانقياداً دائماً وليس محدوداً بوقت لايتكرر إلامرة كل عام .

    ‏عباد الله .. إن الاحتفال بالمولد النبوي تسطيحٌ للعقل ونشرٌ للفكرِ الخرافي وتوسيعُ لمساحةٍ هشةٍ في عقول المسلمين بإحياءالبدعة وإماتة السنة واختزالٌ لمحبته عليه السلام في قالب احتفالي نُخدر به النفوس .

    وإن من الغريب : ‏أنه في زمن احتلال فرنسا لإحدى الدول العربية أمر نابليون بإقامة الاحتفال بالمولد وتبرع له وحضر الحفل بنفسه لما فيه من الخروج عن الشرائع واجتماع النساء واتباع الشهوات وفعل المحرمات ، فأقامه لإفسادِ عقائد الناس..
    وهذا تكرر كثيراً في بعض الدول حيثُ يشجع المستعمرُ على إقامة الموالد البدعية سواءً كانت للمولد النبوي أو لغيره كما هو الحال في بعض الدول حيث توجدُ عدة احتفالات ، فهناك : مولد الحسين والرفاعي والبدوي والسيدة زينب وغيرهم .

    ‏ومن الغريب : أن بعض من يحتفلون بالمولد مرتزقة يجلبون به المال وبعضهم عوام مقلدون؛ يشبعون عاطفتهم الدينية ولو بطريقة بدعية .

    ومن الغريب: أن بعض المحتفلين بالمولد يلقون القصائد الشركية التي فيها الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم كما قاله أحدهم :
    يا أكرم الخلق مالي من ألوذُ به         سواك عند حلولِ الحادثِ العمم
    فإن من جودك الدنيا وضرتها         ومن علومك علم اللوح والقلم

    وهذا هو الشرك الأكبر نعوذ بالله من الضلال .
    وبعضُ الاحتفالات يكون فيها اختلاطُ الرجالِ بالنساء فهل هذا عمل شرعي ؟ عجباً والله .
    وبعضُ الاحتفالات تتضمن الرقص الصوفي الذي يكونُ عند الحديثِ عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهل الرقص من دين الإسلام ؟

    ومن الغريب أن بعض الدول تحتفل بالمولد ويحضرها بعض الشيوخ ، وهذا مايساهمُ في نشرِ البدعة ، لأن حضور أهل العلم للبدع يعتبرُ تقريراً لها ودعوة لإقامتها .
    ومن الغريب أنهم بعد الاحتفالات تلك يعودون للمعاصي والمحرمات التي كانوا يمارسونها قبل ، فأصبح الاحتفالُ مجردُ عواطف وغناء ورقص نعوذ بالله من البدع .
    أفبعد هذا نحتفل بهذا المولد ونتساهل التعامل معه .
    اللهم ارزقنا الحب الصادق والاتباع الكامل للنبي صلى الله عليه وسلم .

    ----------------------

    الحمد لله .. أيها الكرام ..
    إن من أسباب انتشار البدع والخرافات :
    سكوتُ العلماء والدعاة عن البيان والإيضاح لحكم تلك البدع ، لذا كان من الواجب على أهل العلم والدعاةِ بيان البدع والتحذير منها لئلا يغتر الجهلة بمثل تلك البدع .

    ومن أسباب انتشار البدع :
    نشرُ القنوات لتلك الاحتفالات وكأنها من أمور الدين مما يجعل العامة يغترون بها ويتناقلونها وربما نفذوها .

    ومن أسباب انتشار البدع :
    الجهل وعدمُ البحثِ العلمي عن الدليل والاكتفاء بتقليد السابقين والسير وراء الأكثرية ، مع أن الله حذرنا عن اتباع منهج الأكثرين فقال: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }.
    وإخبرنا الله عن ضلال بعض الفرق الذين قالوا { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ }.

    معاشر المسلمين .. ‏إن المقياسَ الحقيقي لمحبةِ النبي صلى الله عليه وسلم يتضمنُ أموراً فمنها :
    ‏1-الشوقُ القلبي لرؤيته صلى الله عليه وسلم .
    ‏2-اتباعُ سنته والسعيُ لنشرها .
    ‏3-الذبُ عنه وعن آل بيته وصحابتهِ وعن شريعته .
    ‏4-محبةُ آلِ بيته وأصحابهِ وتوقيرهم والترضي عنهم وبغضُ من أبغضهم أو تنقصهم .
    ‏5-كثرةُ ذكره والصلاة والسلام عليه.
    ‏6-مدارسة سيرته وسنته .
    ‏7-التحاكمُ إلى شريعته والرضا بها .

    اللهم ارزقنا الاتباع وجنبنا الابتداع .
    اللهم أحيينا على الإسلام والسنة .
    اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من البدع ، والشركيات .
    اللهم وفق العلماء لبيان الحق بالتي هي أحسن .
    اللهم انصر إخواننا المرابطين على الحدود .
    اللهم كن لأهلنا في بلاد الشام وفي اليمن ياناصر المستضعفين .
    اللهم وفق ولي أمرنا لهداك واجعل عمله في رضاك .
    سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .


    مكتبة الصوتيات

    تعال إلى بيوت الله

    0:00

    مناهي لفظية - 2

    0:00

    أحكام الآنية

    0:00

    فضل صلة الأرحام

    0:00

    داعية يحبو

    0:00



    عدد الزوار

    4158951

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 21 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 92 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1591 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 996 ) مادة