• السبت 21 جُمادى الأولى 1446 هـ ,الموافق :23 نوفمبر 2024 م


  • طالب العلم واليوم العلمي

  •  

    كم ينتابني الفرح حينما أجد في حياة طلاب العلم مشاريع علمية وتعليمية ينفعون بها أنفسهم أولاً ثم المجتمع .

    لقد كانت المشاريع عند أهل العلم قديماً من المُسَلّمات حتى إنك لاتكاد تجد عالماً من علماء السلف إلا وقد شارك في تأليف كتاب أو تلخيص أو شرح أو اقتباس أو جمع ، ونحو ذلك من أنواع التأليف .

    ولعل مشروع التأليف عند السلف كان هو الأبرز لحاجة الأمة للتأليف في زمنهم ولمواجهة بعض الفرق المخالفة والرد عليهم كما في كتب المعتقد .

    وإشارتي هنا لطلاب العلم في زمننا الحاضر، يا ترى هل هناك أفكار جادة لتبني مشروعات كبرى أو صغرى لخدمة العلم وأهله ؟

    إن إحياء فكرة المشاريع في نفوس الطلاب من المهمات، لأننا في زمن تكالب فيه الأعداء علينا وغزونا في عقر دارنا بالشبهات والشهوات .

    والأمة التي تتربى على العلم قادرة بإذن الله على مواجهة هذا المدّ الفكري والشهواني .

    يا طالب العلم دعني أهمس لك ببعض المشاريع التي ربما تناسبك ، وهي مختلفة بلاشك من ناحية القوة والضعف ونوعية المخاطبين وغير ذلك من صور الاختلاف .

    مشروع " اليوم العلمي ".

    والفكرة هي : إعداد عنوان عام مثل " فقه الطهارة " وتلخيص مسائله على أرقام وعناصر لكي يتم شرحها في أحد المساجد في تلك المدينة أو المحافظة أو القرية، على النحو التالي " درس قبل الظهر بساعة ، درس بعد الظهر لمدة ساعة ، بعد العصر لمدة ساعة ، بعد المغرب حتى أذان العشاء ".

    ثم بعد العشاء لقاء مع طلاب العلم الذين حضروا عندك مع بعض جماعة المسجد في مجلس كبير أو استراحة لتبادل الآراء والمناقشة .

    ثم تقوم بتكرار هذا العنوان في مسجد آخر بعد شهر ، وهكذا تتناول كل شهر يوم واحد فقط وتكرر عليهم مسائل الطهارة مثلاً أو الصلاة أو العقيدة .

    فلو تخيلنا أن هناك عشرة أشخاص قاموا بهذا البرنامج في عشرة مساجد كل شهر ، فمعنى ذلك أنه قد تم إقامة ١٢٠ يوم علمي في سنة واحدة ، وهذا بلا شك إنجاز كبير ونافع للناس .

    وهذا الأمر يتطلب أموراً ومنها :

    ١- التفكير مع بعض طلاب العلم في تلك المدينة أو المحافظة في نوعية الموضوع الذي يحبون طرحه ويكون نفعه ظاهر لهم ولمجتمعهم .

    ٢- التنسيق مع الوزارة في أخذ التصريح الرسمي لذلك .

    ٣- الإعداد الجيد للمادة ، وقد يكون من الأنسب تلخيص ذلك في مذكرة ليتم توزيعها على الحضور لتبقى تلك الفوائد معهم ، ويتابعون شرحك .

    ٤- من وجهة نظري أرى أن يكون العنوان على شكل مسائل وليس على طريقة شرح المتون ؛ لأن أهل المحافظات والقرى ربما لم يستوعبوا طريقة المتون ، والعبرة بالفائدة .

    ٥- إن كانت المدينة أو القرية قريبة وسوف تذهب لها براً فأقترح أن تأخذ بعض الزملاء معك ليؤانسوك في رحلتك ويقوموا بمساعدتك فيما تحتاجه .

    ٦- من الجميل الترتيب مع بعض التجار في إحضار جوائز ليتم توزيعها على الحضور في اليوم العلمي .

    ٧- قد يكون من المناسب أن يكون هذا اليوم يوافق يوم السبت ولكن لو تحضر يوم الجمعة لتخطب فيهم الجمعة ثم تقوم بكلمات في صلاة العصر والمغرب والعشاء في مساجد المحافظة ، وقد يناسب الترتيب في لقاء مع الدعاة أو حلقات التحفيظ أو زيارة لمحافظ المحافظة ، أو للسجن العام أو لدور الملاحظة والأحداث وغيرها من البيئات التي تحتاج للدعوة .

    ٨- في الغالب أن الحضور في اليوم العلمي هم من العامة وبعض الطلاب المبتدئين فينبغي عليك مراعاة الأفهام وتبسيط المسائل .

    ٩- كن قدوة في تعليمك وبساطتك وتواضعك واحتمال الناس والصبر عليهم واعلم بأن أخلاقك أقوى أثراً من تعليمك وشرحك .

    ١٠- اشحذ همم الطلاب والدعاة الذين تقابلهم للمزيد من خدمة الدعوة ونفع الناس، ولو لم يكن لزيارتك لتلك المحافظات إلا تثبيتك للعاملين هناك لكفى بذلك فضلاً وشرفاً، فكيف والحسنات والأجور هناك متنوعة .

    ١١- حينما يكون سفرك براً فأذكرك بالأجر الذي يحيط بك بسبب تلك الرحلة العلمية التعليمية، وتذكر رحلة نبينا صلى الله عليه وسلم للطائف ليدعوهم ويعلمهم ، وقد قال بعض شيوخنا : إذا كان السلف رحلوا لأجل تحصيل العلم فما الظن بمن يرحل لإجل تبليغ العلم ونشر الدعوة ؟

    ١٢- قد تبدأ باليوم العلمي في مسجدك الذي بالقرب منك وتنتقل في مدينتك في كل شهر لجوامع متفرقة .

    ١٣- ليس شرطاً أن يكون اليوم العلمي خاصاً بالعلوم الفقهية ، بل قد يناسب أن يكون يوماً عن القرآن " فضائل ، آداب ، أحكام ، قصص عن أهل القرآن "، وقد يكون العنوان " أسرتي " وتتحدث عن " وصايا للزوج ، وصايا للزوجة ، تربية الأبناء ، قصص للناجحين أسرياً " وهكذا فكّر في عنوان يمكن تقسيمه لأربع فترات " قبل الظهر وبعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب ".

    ١٤- اقترح توثيق الدروس بالتصوير لرفعها على اليوتيوب لينتفع الناس منها مستقبلاً ، ولتعرف أنت طريقة شرحك ومدى جودة الأداء من جميع جوانبه سمعياً وبصرياً وعلمياً .

    ١٥- كن ذكياً في التفرس في الطلاب الذين يحضرون عندك فإن رأيتَ طالباً متميزاً فاحرص على شحذ همته وأخذ رقمه والتواصل معه لاحقاً ومتابعة مسيرته العلمية .

    ١٦- قد يكون الحضور قليلاً فلايقلقك هذا ولاتكن ممن يبحث عن الأعداد ، وتذكر أنه يأتي نبي يوم القيامة وليس معه أحد ، وهذا نوح عليه الصلاة والسلام بعد أن قضى ٩٥٠ سنة في الدعوة إلى الله تكون النتيجة ( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ).

    ١٧- حينما تعود لبلدك ، قم بتحفيز الدعاة وطلاب العلم من زملاءك لزيارة القرى والمحافظات، وانقل لهم تجربتك لعلك تكون قدوة حسنة في هذا الباب ، لأن بعض طلاب العلم لم يتحرك في السفر الدعوي وللأسف الشديد.

    ١٨- ختاماً ، اعلم أن الذي وفقك لهذا العمل الدعوي والتعليمي هو الله تعالى وهو الذي يتقبله منك تفضلاً منه سبحانه، فاشكر ربك وتبرأ من حولك وقوتك واسأله القبول، ووالله لئن قبل الله ذلك منك فأنت الفائز.


    مواد آخرى من نفس القسم

    مكتبة الصوتيات

    يا رب

    0:00

    فوائد دعوة الجاليات

    0:00

    قصة المجرم الخطير

    0:00

    التحذير من الكذب

    0:00

    تأملات في سورة الفتح - 1

    0:00



    عدد الزوار

    4973008

    تواصل معنا


    إحصائيات

    مجموع الكتب : ( 24 ) كتاب
    مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم
    مجموع المقالات : ( 1596 ) مقال
    مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة